بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 مايو 2010

الثلاثاء 23 مارس 2010م.


الثلاثاء 23 مارس 2010م.

مبدعون سكندريون وناقد أردنى بمختبر السرديات بالمكتبة


فى محاولة لمد جسور التعاون والتعارف بين مبدعى الإسكندرية والمبدعين العرب نظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية يوم الثلاثاء 23 مارس لقاء بعنوان "مبدعون سكندريون وناقد أردنى" حيث قرأ خمسة من المبدعين السكندريين أعمالا قصصية هى "خمس قصص قصيرة جدا" طارق جابر، "رائحة ورقة تصلح للكتابة" محمد عباس على، " رائحة" الشيماء حامد، " الخروج من عالم الحقيقة" د.عبدالبارى خطاب، "ثلاث قصص" منى منصور. وصرح الأديب منير عتيبة مدير المختبر أن القراءات النقدية لهذه القصص قدمها الأديب الأردنى مفلح العدوان وهو قاص وكاتب مسرح وصحفي وباحث ورئيس اتحاد كتاب الإنترنت العرب. كما قدم المداخلة النقدية لهذه الندوة الأديب يحيى فضل سليم تحت عنوان "فى الفن القصصى". وسيتم نشر القصص والمداخلات المختلفة فى موقعى مجلة أمواج سكندرية على الإنترنت واتحاد كتاب الإنترنت العرب.





خمس قصص قصيرة جدا

بقلم: طارق جابر

صقيع
انكمش.. اصطكت أسنانه.. تجمد من عنف الصقيع الذى فى حضنها.

المجذوب
جذبته.. سحرته.. حضنته.. أبيض شعره.. حضنها مسكون.

غريق
داس قلبها البرئ الشفاف.. انتفضت.. شهقت.. انزلق داخل قلبها.. جذبته موجة دموية لزجة.. جرفته.. لم يطفو بعد.

حدود
تمنت الزواج من رجل يعطيها حرية بلا حدود. تزوجته. اكتشفت أنها تزوجت جسد رجل غير موجود.



احتراق
تغار عليه بجنون.. راقبته عندما استيقظ ليلا.. تسلل إلى مكتبه وراح يهمس فى التليفون. شب حريق فى قلبها. تصاعد الدخان من طيات ملابسها. احترق المنزل.

تعليق نقدي بقلم الأديب الأردنى/مفلح العدوان
القصص بمجموعها تعبر عن مضمون القصة القصيرة جدا، شكلا ومضمونا، فهي مكثفة، والتصوير فيها عالي المستوى، والفكرة تصل كأنها الومضة إلى المتلقي بأقل الكلمات.. ولهذا فهي أقرب إلى القصة القصيدة انطلاقا من تميزها، وحسن صياغتها.
(مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية 23 مارس2010م


رائحة ورقة تصلح للكتابة

قصة: محمد عباس على

1-
أرادت أم حسين أن تؤدب زوجها المرسى .. لم تجد أفضل من تعليقه عاريا على حبل الغسيل بالشرفة .. قاصدة أن يراه الجيران ..يعرف القاصى منهم قبل الدانى ماجنته يداه..قالت امرأة من الجيران أركب الحذاء واتركه يهرول بى إلى هناك ..أعرف من أم حسين ما جرى ..أعلقه على صدرى ليقرأه ويعرفه من لم يعرفه بعد من الأحباب والأصحاب .. اعتلت حذاءها ومضت إلى حيث أرادت .
رأى المرسى أعينا تتسلق الجدران المواجهة لبيته ..تبحث لها عن مواقع مميزة ترى منها ما تشاء ..قذف إحداها بمشبك غسيل مجاور ..هوت العين تتدحرج على أرض الطريق.
قالت المرأة وهى تعلق على وجهها مجموعة بسمات منتقاة لأم حسين:- أصابنى القلق عليك..ما الذى جرى؟
زعقت أم حسين :- طهقنى ..طول النهار يجرى فوق ورقة كراس ..يشعر بالملل يقفز فى قلب كتاب .. أقول له كفى.. يرمينى بنظرة ضيق قائلا ..عدوة الإبداع
مصمصت المرأة شفتيها وهى ترميها بنظرة إشفاق هائلة وتدير رأسها مغادرة: أعانك الله على ما ابتلاك
وتركتها مهرولة إلى السلم الذى لفظها إلى الطريق
..................................
2-
عاد إلى الورقة من جديد ..انحدر مع سطر منها إلى أدنى رغما عنه..انتبه ..حدقت عيناه غضبا من السطر المراوغ الذى زاغ عنه وحاول الصعود ثانية إلى أعلى ..رأى سدودا تمتد أمامه تعوق تحركه..ارتجف..مضى بينها يبحث عن مهرب..انسابت من فتحات رأسه شرائط ورقية رفيعة تحمل أفكارا ومواضيع شتى ..مضت تتسلق الجدران ..تمسك بطرفها صاعدا حتى وقف على قمة سطر وعب من الهواء ما يكفيه لتعويض ما فقده فى رحله الصعود....انتبه للشرائط الورقية تتطاير إلى أنفه مع الهواء..صرخ .. الأفكار ستخنقنى ............................................
3-
من ثقب الباب رأى زوجته تنبثق وتتشكل أمامه فى صورتها التى يعرفها صارخة ..عاوزين فلوس يا مرسى .
أشار إلى بنطاله على الجدار..حدجه البنطال مليا..أخرج جيوبه الخاوية هازئا وأدار وجهه عنه.. وجهت المرأة عينيها وأسنانها نحوه..همس ..تصرفى الآن ..ودعينى لأفكارى.
انشبت أظفارها فيه .. رفعته من ياقة قميصه إلى مروحة السقف .. ربطته فيها وأدارتها بأقصى سرعتها..طارت الأفكار عبر النافذة..بقى بدونها شاعرا أنه بلا غطاء.

4-
قررت أم حسين تصعيد المواجهة مع المرسى ..قررت عدم السماح لأى ورقة بدخول بيتها..علا صوته ساخطا ..والكتابة؟ ..لم تبال به..هرول خارجا إلى الطريق ..قائلا لنفسه سأكتب على أى صفحة متاحة ..ومضى باحثا بعينيه على أرض الطريق عن ورقة تصلح لمعانقة القلم..انتبهت أذناه لصوت خطوات مجاورة ..أنصت جيدا ..دقق فى الإنصات وهو يكاد يضج من الفرح ..الأقدام تكتب بخطواتها حروفا..توقعها على الأرض ..الحروف تتشكل جملا ..الجمل تتشابك لتصنع عبارات ..الأقدام تكتب ..العبارات تضج بالمشاعر..أكمل سيره متابعا خطوات أخرى ،فأخرى ..أسعده اكتشافه..صار قادرا على قراءة الخطوات..يحدد عن طريقها المشاعر ..عاد يعب من الهواء بقدر ما يستطيع .
5-
حينما أتى الليل انسل من عقب الباب إلى داخل شقته..احتمى بالظلمة ومضى داخلا ..فتح زجاجة الحبر وقذف بنفسه فيها ..اغترف منها ما يكفيه وقفز خارجا.. أرسل أنفه يتشمم رائحة ورقة تصلح للكتابة..رأى واحدة أسفل مقعد قريب..قفز فوقها ..زغردت السطور ورقص الحبر سعيدا ، أما هو فنسى أم حسين وقرارها المتعسف ،ولم يعد يذكر لها وجود.

تعليق نقدي بقلم الأديب الأردنى/مفلح العدوان
استعادة لمعاناة الكتابة، معاناتها، والدخول في القصة من عتبة فعل عادي، واسمين من نسيج المجتمع( أم حسين، المرسي)، واحد يمثل انشغالات الأغلبية، والآخر يشير إلى انزياحات نوعية نحو الإبداع، والمعاناة. ويكون من خلال النموذجين هذا الولوج إلى مجموعة صور إبداعية ملفتة، تدخل في إطار الغرائبي في جوانب منها، ليتم الانسلال بتلقائية إلى عوالم أخرى متمناة، هي عوالم المبدع، الذي ينسلخ من أسباب المعاناة، ليصير مغموسا بالحبر، ومسكوبا على الورق المتاح لكتابة الإبداع.
(مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية 23 مارس2010م)


الخروج من عالم الحقيقة

قصة: د.عبدالبارى خطاب

هو فى منتهى السعادة والرضا , فحبيبته معه لا تفارقه , يستيقظ صباحا على ابتسامة جميلة بجمال الفراشة بهية الألوان , وقبلة رقيقة على خده برقة زهرة البانسيه .
يتناول معها الإفطار وعذب الحديث مع إشراقة وجهها الصبوح .....ثم يجلس على مكتبه ليكتب , فتلون كتاباته بألوان الحياة المتفائلة المرحة .
بعد الغذاء يجلسان سويا فى شرفة المنزل البحرية , مع الفاكهة الصيفية وكوب الشاى الأخضر بالنعناع.. فى المساء تذهب معه إلى المقهى على الكورنيش , تجلس بجواره وهو يلعب الشطرنج , تصفق له بمرح طفولى حين يفوز , تمسك يده بحنان حين ينهزم , تقول له لا يوجد مكسب أو خسارة فى اللعبة , المهم متعة اللعب ومتعة التفكير .
بعد السهرة يعودان سويا إلى المنزل , إنها متعة أخرى .... المشى فى شوارع الإسكندرية ليلا .
فى الطريق يلفت نظره نظرة الناس إليه , إنهم بلا شك يقولون ما كل هذا الحب فى عيون الرجل ؟ ما سر سعادته البادية على ابتسامته ؟
فى المنزل يتناولان معا وجبة العشاء فى شرفة المنزل ... يستمتعان بأغانى العندليب , الحلوة , مداح القمر , احلى الناس وقارئة الفنجان ...
عندما يأتى النوم ما هى إلا لحظات ويلتقيان معا فى الحلم ....وهكذا حتى الصباح .... يستيقظ على ابتسامة جميلة بجمال الفراشة بهية الألوان , وقبلة رقيقة على خده برقة زهرة البانسيه .
حتى فى احلك الظروف والدموع تترقق فى عينيه , لا تفارقه ابتسامة الرضا , فيكفيه أن حبيبته معه.. لا يهتم بنظرات الشفقة فى عيون الآخرين وهم يقولون حتى فى تلك الظروف والدموع تغلبه لا تفارقه ابتسامته !!
فى أحد الأيام سمع ضجيجا وأصواتا تناديه وتصر على الحديث معه .... اندهش من أين هى آتية؟ تلفت حوله... الأصوات تنبع من داخله... إنها حواسه الخمس وكأنها فى تظاهرة... تطالبه بالحديث معهم!!!
جلس فى ذهول يستمع إليهم , حديثهم غاضب, يقولون أنت تستمتع بها وحدك , أنت وخيالك , ونحن لم نعد نراها.. اشتقنا لوجهها القمرى الملائكى , لحبات اللؤلؤ الأسود فى عينيها , لصوتها الذى تشعر به الأذن كملمس قطعة من الحرير تداعبها , تشم رائحته عطرا ياسمينيا , تتذوقه بطعم الكريز , تراه العين فراشا بألوان قوس قزح , يهتز له القلب طربا... اشتقنا لألوان حياتها , لشقاوة الأطفال فى ضحكاتها , لملمس يدها ورشاقة أناملها حين اللقاء ......
حاول أن يصرخ قائلا إنها هنا , هى معنا دائما .... لكن صوته لم يسمع ... لقد أخذوا قرارا بمقاطعته , بحرمانه من حواسه !!
انزعج الرجل وقرر الخروج من عالم الحقيقة الظالم هذا .... قرر العودة حيث حبيبته معه .... يستيقظ فى الصباح على ابتسامة جميلة بجمال الفراشة بهية الألوان, وقبلة رقيقة على خده برقة زهرة البانسيه..

تعليق نقدي بقلم الأديب الأردنى/مفلح العدوان
قصة ذات نسيج سردي متتالي، فيها خيال محكم، استطاع كاتبها المواءمة بين تلمس اليومي، وتتبع الذهني، للخروج بتدوين قصصي لعالم معاش، وآخر مأمول، ولذا فقد كان عنوان القصة تعبير عن جانب من هذه القصدية في السرد.
(مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية 23 مارس2010م)

ليست هناك تعليقات: