بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 18 يونيو 2010

الثلاثاء 15 يونيو 2010م.



ألف ليلة وليلة المفترى عليها .




















عقد مختبر السرديات يوم الثلاثاء الماضي
الموافق يونيو 2010م . لقاء مع الأستاذ الدكتور أحمد مجاهد والأستاذ الدكتور محمد زكريا عناني ,حول " ألف ليلة وليلة المفترى عليها " . في وسط جو مشحون بالخلاف حول ما حدث في الأونة الأخيرة من الاعتراض على محتوي الكتاب واعتبر أنه خروج عن الأخلاق والآداب .


بدأ اللقاء باستعراض الدكتور عناني لتاريخ لكتاب ألف ليلة وليلة , وكيف كان له تأثير عظيم على الأدب الغربي في العصر الحديث , وقد بدأ قبل ذلك على استحياء في اعمال دانتي اليجيري الايطالي متمثلا في الكوميديا الالهية , ثم تبعه مواطنه بوكاشيو في الديكاميرون , ثم تجلى هذا التأثير أخيرا في أدب أمريكا الجنوبية وما يسمى بالواقعية السحرية التي كانت ألف ليلة أساسها ومؤسستها .
































أما الدكتور مجاهد فقد ففي لقاءه انتقل من مقعد المواطن المثقف الى الأستاذ الأكاديمي الى محلل للأحداث ورئيس هيئة ثم مواطن وقع عليه الظلم واستطاع أن يأخذ حقه . محتفظا بالحيادية الشديدة في حديثه . فقد استعرض ايضا ماحدث في منتصف الثمانينات من أزمة مشابهة واعتراض على الكتاب الذي يمثل التراث العربي وفشل هؤلاء لعدم وجود حجج قوية لما يدعونه فالنسخة المطبوعة - اذا تم التحفظ على بعض الألفاظ الموجودة بها - فهي تمثل 28 لفظ من 1800 صفحة . في حين أن نسخة كلكتا - حدث ولا ولاحرج عنها - لم يتم الاعتراض عليها , وأول من وافق على طباعة النسخة الحديثة هو الوالي محمد علي , ثم تم التحقق من النسخة من قبل في الثلاثينات من قبل شيخ أزهري . والمعارض مليئة بالنسخ المطبوعة من دور نشر عدة لم يتم الاعتراض الا على النسخة المطبوعة من قبل الهيئة .





والأدب العربي يزخر بالألفاظ الصريحة , ولم يعترض الا على تلك النسخة .

علامات استفهام كثيرة يطرحها هذا الموضوع , واتساءل أنا بدوري اذا لم نجد من يدافع بقوة عن تراثنا ولن أقول عن حرية الابداع حتى لايفهم البعض , أن نشر كل ماهو رخيص ومبتذل من الممكن أن يتستر تحت عباءة حرية الابداع - حيث صرح الدكتور مجاهد أن البعض يفعلها - واذا لم نجد من يقف أمام من يتجج بحجج واهية ليوهمنا أنه يقودنا لما هو أفضل , بل أن يكون وصيا على مانفكر وما نقرأ لأنه هو الأرشد منا فماذا نفعل ؟

تحية للدكتور أحمد مجاهد لأنه واحد من هؤلاء الذين وقفوا بقوة أمامهم .

































































السبت، 5 يونيو 2010

ملف الأديب ايفالد فاليسار

مختبر السرديات

ملــف
الأديب السلوفينى
إيفالد فليسار


إعداد/منير عتيبة

1 يونيو2010م
المحتويات

م
الموضوع
الكاتب
1
عن سلوفينيا والأدب السلوفينى وفليسار
منير عتيبة
2
ايفالد فليسار.. سيرة مختصرة

3
كلمة فليسار لأعضاء المختبر
ايفالد فليسار
4
المعارضات المسرحية في عصر العولمة.. أنتيجون نموذجا
د. أبو الحسن سلام
5
ما بين أنتيجون وحكايات التجوال لإيفالد فليسار
د.زين عبد الهادي
عن سلوفينيا والأدب السلوفينى وفليسار
منير عتيبة
سلوفينيا دولة من دول وسط أوروبا وعاصمتها "لوبيانا"، وأهم مدنها "بلد" ذات القلعة الأثرية الشهيرة، و"ماريبور" التي تفتخر بمسرحها العريق وأنها منتجع شتوي شهير وتمارس فيها الرياضات الشتوية مثل التزلج على الجليد والقفز والبياثلون، عملتها هي "التولر". كانت سلوفينيا قبل يوغوسلافيا جزءا من الإمبراطورية النمساوية أو إمبراطورية الهابسبرج.ولذا سنجد في الثقافة السلوفينية تأثرا كبيرا بالعنصر الجرماني. اللغة السلوفينية تنتمي لعائلة اللغات السلافية التي تضم أيضا الروسية والبلغارية والتشيكية والاوكرانية والبولندية وغيرها، وهي لغة متميزة بالنسبة للغات البلقان العديدة التي تتشابه كثيرا وخاصة اللغات الثلاث البوسنية والكرواتية والصربية، من أبرز مميزاتها وجود حالة المثنى وهي الحالة المميزة للعربية كما نعرف، أيضا وجود الإعراب حيث تتغير نهايات الكلمات وفقا لموقعها في الجملة وهذا يؤدي لقدرة عالية على اللعب بالأسلوبية في الأدب، من المميزات الأخرى للسلوفينية سنجد تغير الفعل والصفة وفقا للنوع وهي صفة عامة في اللغات السلافية وتساعد كثيرا عند الترجمة للعربية. لعب الأدب والأديب السلوفيني دورا كبيرا في ترسيخ الوعي القومي والوطني عند الشعب السلوفيني، فقد كانت اللغة والأدب بمثابة الوسيلة الأساسية لتمايز السلوفين كأمة سواء عن السلاف الآخرين كالصرب والكروات والبوشناق أو عن الأمم الأخرى المحيطة بهم مثل الإيطاليين والنمساويين والمجريين. والأهم هو الدور الذي لعبه الأدب في مرحلة ما قبل الاستقلال حيث يعتبر بعض المراقبين أن اتحاد الكتاب كان مقر الحركة المنادية بالاستقلال والمهد الذي أدى إلى ولادة جمهورية سلوفينيا.
ونلاحظ من الترجمات القليلة التى تناولت الأدب السلوفينى باللغة العربية تنوع المدارس الأدبية كالواقعية السحرية، الواقعية الخشنة، الرمزية، التاريخية، الحداثية، والتركيز على الهم الإنسانى العام، الوحدة القاتلة التى يعانيها الفرد.
رغم أن الكرة الأرضية أصبحت قرية كونية صغيرة مليئة بوسائل الاتصال، التعامل الوحشى الفج بين البشر بعضهم البعض من أجل منافع سخيفة أو زائلة، الإحساس بفقدان الأمل فى تحقق إنسانية الإنسان بشكل كامل فى عالم يموج بالعنف والانتهازية والنفعية الفجة. ومن أشهر من ترجمت نماذج من أعمالهم إلى العربية "ايجور براتوش" و"ميلان كلتش" و"دراجو يانشار" و"دراجو يانشار" و"اندريه بلاتنيك" و"مايا نوفاك" و"فينو مودرندورفر" و"أندريه موروفيتش" و"اليش تشار" و"ياني فيرك". ومن أهم الذين اهتموا بترجمة الأدب السلوفينى إلى اللغة العربية الدكتور أسامة القفاش الناقد والمخرج المصرى الذى يعيش حاليا فى كرواتيا. وكان للكاتب السلوفينى إيفالد فليسار نصيب الأسد من الأعمال التى ترجمت إلى العربية، حيث ترجمت له مسرحيتان هما "أنتيجون فى عصر العولمة" و"الكوكب الحادى عشر" و"نورا نورا" التى عرضت في مسرح الهناجر بالقاهرة عام 2005، ومجموعة قصصية بعنوان "حكايات التجوال"، بالإضافة إلى "أحلام الأب" و"معاداة الذاهب الآن".
وقد شغل ايفالد فليسار منصب رئيس اتحاد الكتاب السلوفينيين في الفترة من عام 1995 إلى عام 2002، ونجح في الحفاظ على وحدة الاتحاد من خلال إبعاد السياسة من جدول أعماله وإعادة تنظيمه بهدف الاهتمام بحقوق المؤلف والترويج للأدب في الداخل والخارج وإنشاء شراكات مع المنظمات المماثلة في البلدان الأخرى.
ولد فليسار عام 1944م، وهو مؤلف مسرحي وروائي وكاتب سيناريو وقاص وناقد أدبي، ورئيس تحرير مجلة سدوبنوس أقدم مجلة أدبية في أوروبا. ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات من ضمنها العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية والفنلندية والروسية والصينية والهندية والتشيكية والكرواتية وغيرها. وقدمت أعماله المسرحية في مصر وبريطانيا وسلوفينيا وكرواتيا والولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى. حاصل على العديد من الجوائز في مجالات مختلفة.
وإذ يسر مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية أن يستضيف إيفالد فليسار فى احتفالية ثقافية تقدمه إلى المثقفين المصريين وتقدمهم إليه، وتقيم بين الأدبين العربى والسلوفينى جسرا من التواصل نرجو أن يمتد ويقوى، ألقى أضواء سريعة على قصتين له.
فى جو ملئ بالغموض تنتقل الأسرة كبيرة العدد فى قصة "إيفالد فليسار" "نهاية التاريخ" إلى منزل اشترته حديثا، ورغم ما يمكن توقعه من تواصل وحميمية عائلية، إلا أن الواقع يشى بأن كل فرد فى الأسرة هو جزيرة منعزلة مكتفية بذاتها، يكتشف أحد أفراد الأسرة فى وخزن بالبيت جهازا غريبا يحار الجميع فى معرفة كنهه، حسب ثقافة كل منهم وتوجهه فى الحياة، ويصبح هذا الجهاز الغريب عند ظهوره هو الشئ الوحيد الذى يجمعهم معا، للتفكير فيه على الأقل، لكنه نفسه الشئ الذى يظهر مدى تباينهم وتباعدهم عن بعضهم البعض، لكن ربة الأسرة؛ وقد رأت زوجها يصاب بالسوداوية لفشل عقله فى تفسير الجهاز الغريب، تضع الجهاز فى المخزن، وتغلق عليه بالمفتاح، مؤكدة أن (العالم ملئ بالأشياء والأحداث التى لا يمكن قط الوصول إلى قرارها المكين) حيث لابد أن نعطى الحدس والإلهام والجوانب الروحانية والغيبيات دورها فى حياتنا، دون أن نحاول وضع كل شئ تحت مجهر العقل، وحساب كل شئ بالأرقام فقط، مما يدمر العلاقات الإنسانية ويجعلها شوهاء.
أما الحلم الذي يسرق العمر في أيام متشابهة الملل والمرارة هو موضوع قصة "عام آخر أو عامين" لـ" إيفالد فليسار", "يانش" شاب أوروبي يعمل سائق قطار في استراليا, يهلك نفسه في العمل ويحرمها من كل متع الدنيا ليحصل علي مبلغ كاف من المال يجعله يعيش ثريا مرفها بلا عمل , لكنه لا يستطيع أن يدخر هذا المبلغ أبداً, كلما سألته عاملة المطعم: هل اغتنيت؟ أجابها: عام آخر أو عامين!. هو يعرف مشكلته جيدا (المشكلة أن أية كمية أتمكن من توفيرها تبدو أقل من الكفاية دائماً, بعد العام الأول قلت هذا الكم وكفي, لكني عندما حصلت علي الرقم المنشود وجدته فجأة ضئيلاً متواضعا غير كاف, أعدت النظر في مخططاتي, ولكن عندما وصلت للرقم المنشود المعدل وجدت أنه أيضاً غير كاف) إنه لهاث من أجل حلم لن يتحقق, بيع الحاضر لشراء مستقبل لن يأتي, إن بطل القصة "يانش" ليس وحدة ذلك الحالم الخاسر, إنه نموذج حي لإنسان العصر الحاضر, حتى أننا نفاجئ به في نهاية القصة يسأل صديقته عاملة المطعم المرحة سؤالها المعتاد (أهلا ميلينا هل اغتنيت؟) فترد هي بمرارة بنفس إجابته هو في حالة تبادل أدوار مريرة, أو في حالة القيام بالوجه الآخر من الدور نفسه (عام أخر أو عامين يا يانش عام آخر أو عامين).
ايفالد فليسار.. سيرة مختصرة
ايفالد فليسار هو كاتب وروائي ومحرر عالمي حاصل على أرفع الجوائز العالمية في الشعر والأدب. درس فليسار الأدب المقارن في جامعة ليوبليانا في سلوفينيا، كما درس اللغة والأدب الإنجليزي في تشيسوك بلندن. كتب فليسار مجموعة من كتب السفر والرحلات التي تعد الأفضل في سلوفينيا، وهو صاحب رواية "السفر مع نمر بري" التي تمت إعادة طباعتها تسعة مرات، كما كتب تسع روايات أخرى، ومجموعتين من القصص القصيرة، وعدد كبير من المسرحيات.
عمل فليسار كرئيس تحرير مجلة "سودبنوست"، وهي أقدم مجلة أدبية سلوفينية، كما شغل منصب رئيس اتحاد الكتاب السلوفينيين في الفترة من عام 1995 إلى عام 2002، ونجح في الحفاظ على وحدة الاتحاد من خلال إبعاد السياسة من جدول أعماله وإعادة تنظيمه بهدف الاهتمام بحقوق المؤلف والترويج للأدب في الداخل والخارج وإنشاء شراكات مع المنظمات المماثلة في البلدان الأخرى.
حقق الكاتب النجاح العالمي من خلال الكتابة المسرحية، وتم عرض أشهر مسرحياته "الغد" في أكثر من 18 دولة. حصلت مسرحيته "نورا نورا" على جائزة أفضل مسرحية في سلوفينيا عام 2004، وقد ترجمت للغة العربية وعرضت في مسرح الهناجر بالقاهرة عام 2005. تُرجمت أعمال فليسار إلى عدد كبير من اللغات منها الإنجليزية والألمانية والإيطالية والأسبانية والبرتغالية والدانمركية والفرنسية والروسية واليونانية والتركية والعربية، كما عُرضت أعماله في عدد من العواصم العالمية منها لندن وأوسلو وكوبنهاجن وريو دي جانيرو وفرانكفورت ولشبونة وأثينا والقاهرة وواشنطن.
كلمة فليسار لأعضاء المختبر
سيداتي سادتي،
أرجو أن تصححوني إن كنت مخطئا؛ حيث إنه يبدو أننا نعيش الآن في زمن لم يعد فيه الكثير من الناس يجدون العزاء أو السلوى في القصص والروايات والشعر. وقد نتساءل عن سبب ذلك. وهناك إجابة محتملة لذلك التساؤل؛ وهي: الحقيقة في الخيال والشعر تكون ملفوظة فقط فيما بين السطور. أما اليوم، فإن حاجة الكثيرين لليقين تجعلهم يتمسكون بالأدب الذي لا يضفي غموضا، وإنما يبين ويوضح ويخبر. قراء اليوم يحتاجون إلى الحقائق الموضوعية كي يشعروا بالأمان.
لا توجد حاجة لنكران ذلك: القصاصون، والشعراء، ومبدعو الخيال، طغى عليهم الأدب الوثائقي الذي يزعم توفر ميزة الصحة به، في حين يتهم الخيال بأنه مختلق. في مثل هذه الظروف، ما هو دور الأدب "الراقي" الذي سكن منذ زمن سحيق روح وحكمة الإنسانية؟ كيف يمكن للخيال في ظل المساحة الضيقة التي تجعله يتنفس بصعوبة أن يحافظ على كرامته وثقته بنفسه، والأهم من ذلك أن يحافظ على إيمانه برسالته التي لا بديل عنها؟ كيف يعيد التواصل مع قلوب وعقول الناس التي لا يمكن له أن يعيش إلا فيها، والتي يعد فيها هي فقط أدبا؟
بعبارات أخرى، كيف يمكن للأديب الكتابة إذا كان يريد أن يقرأ أعماله عالم مشغول بشئون أخرى ملحة؛ مثل: الحرب والسلام، والسياسة، والاقتصاد، والبحث عن الثروات، والصراع من أجل البقاء؟ عالم يفضل البحث عن حقيقة نفسه في التقارير الصحفية والمقالات، وفي الأخبار التليفزيونية ومناقشات الموائد المستديرة؟
دعونا نطرح السؤال بطريقة أخرى؛ هل يتعين على الكاتب أن يتحدث بلغة مختلفة أكثر إثارة كي يحصل على انتباه العالم المشغول والذي لا يجد الوقت للقصص المختلقة؟ أين تنتهي حقوق الفنان، وأين تبدأ التزاماته؟ هل لديه التزامات غير أن يتبع طموحاته الفنية؟ هل يخلق لنفسه دور الحكم أو الوسيط الأخلاقي، أو دور المقاتل ضد الشر، في ظل عالم أصبح فوضويا؟ وكيف يمكن له أن يلعب هذا الدور؟ هل بقول الخطب العامة والموافقات الرسمية، أم أن عليه أن يحول كتاباته إلى وسيلة للتوجيه وإعادة التعليم؟
وستكون إجابة معظم الكتّاب الذين أعرفهم "بالتأكيد لا". روح الأزمان ستجد لها صدى في أعمال الكاتب بغض النظر عن عدم اكتراثه من عدمه للمشكلات السياسية والاجتماعية السائدة في عصره. لا يعيش الكتّاب في فقاعة أو في الخواء، إنهم أبناء أوقاتهم. عندما كتب صامويل بيكيت مسرحية واجه خلالها الجمهور بكومة من القمامة على مسرح خال، كان يوجه بذلك نقدا قاسيا لزمنه عما إذا كان قد فعل ذلك بالهجوم والجدل العنيف. كان الصمت في لحظة معينة من تاريخ الثقافة الغربية يعد أبلغ وأوقع تأثيرا من الكلمات وإن كانت عالية الصوت.
في قلب الحضارة الغربية، كانت كل أشكال الفنون لوقت طويل في حالة حرجة من عدم اليقين. ولا حتى الأدب تم حفظه من التجزؤ والتنافر المميز جدا في المساعي العلمية. إنني أتذكر ملكيادس الغجري في رواية "مائة عام من العزلة" للكاتب جابريال جارسيا ماركيز، الذي ذهب إلى قرية بمغناطيسين قويين بحيث التقطا من الأرفف قدور وأواني ومسامير وغيرها من الأدوات، وحملهم معه، وفي ذات الوقت التقط من خبايا الظلمات كل الأشياء التي فقدها الناس ولم يستطيعوا العثور عليها. وقال ملكيادس شارحا "الأشياء حيّة، كل ما علينا فقط هو إيقاظ أرواحها". هناك شيء فقدناه أو تاه منا بداخل قلوبنا وعقولنا، شيء أبعدنا أنفسنا عنه. أشياء عديدة بداخلنا تقع في أرففنا الداخلية كالأجسام الميتة التي لم نعد نستطيع بعث الحياة في روحها. الكثير في قلوبنا وعقولنا قتله الخوف من عالم يتعين علينا البحث فيه عن معنى ووسيلة للنجاة والبقاء. ما الذي تبقى إذا للكاتب في هذا العصر الذي يبدو، بالرغم من غزارته في كل شيء، غريبا وخاليا بشكل تقشعر له الأبدان.
هناك قصة صوفية مشهورة عن قاص عاتبه أحد قرائه لسرده روايات دون أن يسمح للقراء بمعرفة كيفية فهمها. أجاب على ذلك القاص بالقول: "بم ستشعر إذا قام بائع الخضروات والفاكهة بأكل الفاكهة التي اشتريتها أمام عينيك وأن يترك لك القشور؟" أجاب على ذلك القارئ بعناد وإصرار: "هذا يعني أن البعض سيفسر قصصك بطريقة، بينما سيفسرها الآخرون بطريقة مختلفة". وكانت إجابة القاص: "هنا بالضبط تكمن قيمتها".
إن وظيفة الأدب تكمن في كونه وعاء يحفظ معنى الحياة، وملجأ حيث -كما يراه جون بيرجر- الأكثر هشاشة ومع ذلك حقائق الإنسانية الهامة تم إنقاذها من النسيان. إن أي عمل أدبي جميل هو خلاص المعنى من الفضاء غير المحدود للوقت.
إن الحقيقة هي جوهر التخيل، لذا فإنني أؤمن أن الكاتب اليوم لديه دور واضح للغاية وهو توصيل الحقيقة لقرائه. إنني لا أتحدث عن الحقيقة المجردة والإحصاءات والتحليلات، بل الحقيقة كفهم، كإدراك للطبيعة المتعذر تفسيرها لوجودنا. إن وظيفة الكاتب -وأقولها دون أي خجل- هي أن يربطنا بألم الإنسان الرئيسي في هذا الكون.
وهنا يأتي تساؤل هام: كيف يمكن للكاتب أن يعبر عن المتعذر التعبير عنه؟ يجب عليه أن يكون -كما كان دائما- كيميائيا كالغجري ملكيادس. يتعين عليه أن يخرج إلى العالم بمغناطيس قوته الإبداعية وأن يستخرج من الأماكن المظلمة الأشياء الدقيقة المنسية، والتي لم نعد نبحث عنها لقلة الوقت رغم أننا نفتقدها. عقب ذلك يحول ما التقطه بفن الكيمياء إلى كتلة ذهبية تسر الناظرين وتستحوذ على اهتمامهم.
شكرا لكم أيها السيدات والسادة.
المعارضات المسرحية في عصر العولمة
أنتيجون نموذجا
د. أبو الحسن سلام
عرفت المعارضة الأدبية منذ قديم الزمان، بخاصة في مجال الشعر وفي مجال الملاحم ، كما عرفت في مجال المسرح.. ففي الملاحم، عارض "فرجيليوس" إلياذة هوميروس بالإنيادة في العصر الروماني، كذلك عارض "أبو العلاء المعري" (التوابع والزوابع) لابن شهيد الأندلسي، وعارض "دانتي" رسالة الغفران لأبي العلاء المعري في الأدب الإيطالي القديم بالكوميديا الإلهية.
وفي مجال الشعر، عارض البحتري أبا تمام ، في قصيدة عن الذئب ، وعارض أبو تمام الوزير الزيات في قصيدته عن زوجه التي قضت ، وتركت له طفلا رضيعا. وفي العصر الحديث عارض محمود سامي البارودي قصيدة أبي تمام بعد ترمله هو أيضا وتحمله مشقة طفله الرضيع ، كذلك عارض قصيدة للمتنبي، كما عارض أحمد شوقي قصيدة أبي تمام الشهيرة(السيف أصدق إنباء من الكتب) بقصيدته عن أتاتورك وانتصاراته ، مستخدما البحر الشعري نفسه وحركة الروي والقافية اللتين استخدمهما أبوتمام في قصيدته تلك عن انتصارات المعتصم (الخليفة العباسي التاسع) ، كما عارض صفي الدين الحلّي في موشحته الشهيرة ، وعارض نونية الوزير الأندلسي ابن زيدون في هجر ولادة بنت المستكفي له (أضحى التنائي بديلا عن تدانينا ..) بقصيدة من البحر نفسه والروي والقافية.
وإذا كان النقد العربي القديم قد ابتكر مصطلح المعارضة الشعرية ؛ ففي المسرح تجسدت المعارضة المسرحية ، قبل تجسيدها في فن الشعر بزمان ، كما نشأ التناص ، باستلهام الشاعر الكوميدي اليوناني الشهير أريستوفانيس لـ (محاورات فيدون) لأفلاطون، بمسرحيته المعروفة بـ (الضفادع) . ولئن نظرنا في المعالجات المختلفة التي تربو على الخمسمائة نص مسرحي يعارض فيها كتابها من مختلفي الجنسيات وفي مئات اللغات مسرحية سوفوكليس الشهيرة (أوديبوس) لازدادت دهشتنا ، من وجوه التباين فيما بين تلك المعالجات التي عارض مؤلفوها سوفوكليس . وتلك هي قيمة التناول المتعدد والمتباين لنص واحد أبدعه كاتبه الأول ونسج على فكرته كل من تعرض له وأعاد إنتاجه نسجا يحمل بصمته هو ، ويشف عن هويته هو، بما يناسب عصره هو لا عصر سوفوكليس ، ويحمل بصمته هو لا بصمة غيره من المبدعين . وهكذا كان الأمر نفسه في معارضات كتاب متعددين لرائعة يوربيديس (ميديا)، سواء أتمثل ذلك في معارضة سينيكا لـ (ميديا) يوربيديس أو في معارضة كورني أو معارضة جان أنوي أو معارضة بيرم التونسي لها بأوبريت (عقيلة) أو معارضة الشاعر مهدي بندق لها بمسرحيته (ريم على الدم) .
والأمر نفسه ماثل في معارضات كل من " بريخت " ، " جان كوكتو" ، و"جان أنوي" وأخيرا الكاتب السلوفيني "إيفالد فليسار" الذي قدم لنا (أنتيجون .. في عصر العولمة) معبرا عن وجهة نظر تفككية للنسق اليوناني وللخطاب القديم الذي أراده سوفوكليس ، بما يعكس روح عصرنا الآني ، ممسكا باللحظة التاريخية التي تعيشها شعوب العالم في ظل عسكرة العولمة التي تتزعمها الولايات المتحدة الأميريكية ؛ بما شرعت بفرضه على الشعوب ، بدءا بتسلل نمطها الثقافي ، إلى معاقل ثقافات شعوب عريقة ، ذات حضارات عريقة ؛ بقطع الطريق على مسيرتها التنموية ، ومخططاتها القومية ، في محاولات قهرية مستميتة لحرفها عن طريقها التنموي الوطني والانزلاق بها نحو طريق التبعية السياسية والاقتصادية الكاملة .. بالتلميح بشعارات براقة خادعة بأن العولمة ستحقق لتلك الشعوب كل آمالها في التنمية والرفاهة ، وتعطيها كل شيء ؛ لتكتشف تلك الشعوب التي هرولت أنظمتها الحاكمة خلف شعارات الهيمنة تلك أنها وقعت في مصيدة التبعية الكاملة وقيدت بقيود اقتصاديات العولمة العسكرتارية التي لا فكاك منها تحت تهديد السلاح ، وبذلك تعود الشعوب التي تحررت من قيود الاستعمار القديم البغيض بتضحيات جسام دفعها الأجداد والآباء ، لترسف في أغلال كل صنوف التبعية تحت وطأة أشكال متعددة من ابتكار أحفاد الرأسمالية الاستعمارية القديمة والرأسمالية الامبريالية الجديدة المتعدية للجنسيات والنافية للحدود وللهويات الوطنية والقومية ؛ دون أن تحصل تلك الدول على أي شيء ، في مقابل خسارتها لكل شيء :( الأرض ، والأسواق ووسائل الإنتاج ، والهوية الثقافية والتراثية ، والأعراض والأرواح والأنفس.)
هذا هو خطاب مسرحية (أنتيجون في عصر العولمة) للكاتب المسرحي السلوفيني إيفالد فليسار، وهي كما رأينا تعكس روح الكاتب وروح عصرنا ، وتعري عولمة العسكرتارية الأمريكية ، وتفضح ممارساتها ، ليس في بلده وحدها ، بل في كل البلاد التي لها مثل ظروف بلاده ، كبلادنا ، وبلاد كثيرة غيرها في كل أرجاء العالم ، بذل فيها الآباء أرواحهم في سبيل تحريرها من الاستعمار القديم ؛ فجاء الاستعمار المعاصر ، متوجا بما ملكت يداه من وسائل المعرفة ، ومخزونه المعرفي ، المتوالد أبدا ، ليستعبد العاجزين عن الإنتاج المعرفي ، القابعين تحت شجرة المعرفة التوراتية المتوارثة ، عن حكاية بدء الخليقة والخطيئة التي أدت إلى هبوط آدم وحواء.
إذن فنحن لسنا أمام معارضة "فليسار" لـ "أنتيجوني" سوفوكليس ، كشفا عن مهارة المعارضة ، في ذاتها ؛ وإنما نحن أمام معارضة الموروث الإنساني الحضاري لهجمة عسكرتارية العولمة على موروث الإنسانية الحضاري ؛ ممثلا في نص فليسار – نائبا عن الهوية الإنسانية – التي فتحت عسكرة العولمة في جدارها ثغرات واسعة على الامتداد الجغرافي الثقافي،الاقتصادي والسياسي لذلك الجدار التراثي الحضاري العريق .
هذا عن مضمون خطاب نص (أنتيجون) " فليسار " المعارض لأنتيجوني سوفوكليس الذي استماتت فيه أنتيجوني ، تلك الفتاة النحيلة ، ذات الموقف المبدئي والإرادة الفولاذية في سبيل الدفاع عن قانون سماوي في مواجهة قانون وضعي للحاكم المستبد (كريون) ، وقد وضح لنا أن المعادل الرمزي المعاصر لشخصية (أنتيجوني) ، في نص فليسار وهي (كلارا) التي رسمها صورة متناصة مع أنتيجوني – سوفوكليس – لتحمل رأي حماة ثقافة شعوب الحضارات العظيمة ، وتنديدهم بممارسات ما يعرف بالنظام العالمي الجديد بزعامة الولايات المتحدة الأميريكية – بخاصة في عهد بوش الصغير –
· حول مفهوم المعارضة:
لأن المعارضة لا تقتصر على المضمون ، بل تشتمل على الشكل الذي يسكنه المضمون أيضا؛ لذا وجبت الإشارة إلى مفهوم المعارضة ..
تنشأ المعرضة الأدبية أو الفنية في الأساس عن تعارض فكري بين مبدع ثان، ومبدع أول، حول إبداع ذلك المبدع الأول؛ فالمعارض إذن له موقف من المنتج الإبداعي الذي يعارضه ، لأسباب فكرية، حيث للمبدع الثاني موقف فكري مغاير للموقف الفكري الذي تبناه المبدع الأول في منتجه الإبداعي، أو لموقف نفسي ؛ متعلق ، برغبة في إظهار تفوقه على المبدع الأصلي للمنتج الإبداعي ذاته. ومما لا شك فيه أنت إعادة إنتاج العمل الإبداعي قصيدة كانت أم نصا مسرحيا أو عرضا أم فيلما يعرض على الشاشة أم عملا موسيقيا أم عملا راقصا أم تشكيليا. فيه إلقاء للضوء على الإبداع الأول ، مع أنه ينطلق من رؤية جديدة تحمل بصمة المبدع المعارض نفسه. ومعنى هذا أن العمل الأدبي أو الفني – موضوع المعارضة – لابد أن يستند إلى عمل أدبي أو فني سابق ، ويعيد إنتاجه بإبداع جديد. وقد تكون المعارضة معارضة كلية للمنتج الإبداعي الأول ، وقد تكون معارضة جزئية . فإذا كانت جزئية؛ فهي تقف عندئذ عند مفهوم التناص مع مواقف أو صور أو شخصيات أو تكوينات جزئية متضمنة في الإبداع الأول ، وهذا يعني أن المعارضة تتشكل من منظومة تناص محتوي المنتج الإبداعي الثاني - المعارض – وأسلوبه في تناظرها تناظر تخالف في المحتوى ، باعتبارهما مختلفين موضوعا حول رأي أو قضية ، وتناظرها تناظر تآلف أو تخالف في الشكل. ومن أمثلة التناص ما نجده في موقف لقاء الصدفة الذي تم على قبر أجاممنون في مسرحية أسيخلوس (حاملات القرابين) حيث تتعرف اليكترا على أخيها أورستس ، الذي لم تلتقي به قبل ذلك ، حيث كان صغيرا حين قتلت أمهما كليتمسترا أبيهما مع عشيقها إيجثوس في حمام قصره فور عودته ، ونظيره في مسرحية ألفريد فرج (الزير سالم) حيث لقاء المصادفة بين اليمامة ابنة "كليب" الملك الذي قتله "جسّاس" شقيق زوجه "الجليلة" غدرا وأخيها "الهجرس" فهذان الموقفان فيهما تناص تآلف من حيث المضمون ومن حيث الشكل .
وسواء تناظر المنتج الإبداعي المعارض في معارضته له أو في تناصه مع صورة أو موقف أو شخصية أو تكوين تشكيلي أو موسيقي أو تعبيري حركي من العمل الذي يتعرض له تعرضا جزئيا متآلفا أو متخالفا؛ فهو لابد من أن يتناغم مع طبيعة العصر والمجتمع الذي يعاد فيه صياغته أو إنتاجه؛ من حيث؛ ثقافة عصره وقيم مجتمعه المشتبكة مع قيم العصر إيجابيا أو سلبيا.
وهذا الذي فعله الشاعر المصري صلاح عبد الصبور في استلهامه لقصة قيس وليلى ، حيث عارض مسرحية الشاعر أحمد شوقي (مجنون ليلى) بمسرحية (ليلى والمجنون) إذ فكك أنساق نص شوقي ونقض خطابه، الذي مؤداه انتصار العادات والتقاليد العربية على الحب . ولأن الحب ينتصر على العادات والتقاليد في عصرنا ؛ لذا تظهر ليلى شبقة إلى الجنس ، فتنفر من حبيبها الشاعر سعيد لترتمي في أحضان زميله الصحافي الذي يعمل جاسوسا على زملائه في الصحيفة ويكتب تقارير بوليسية في زملائه المعارضين للفساد الرسمي أو للنظام الحاكم المتسلط ؛ بما يحدث الصدمة الدرامية لسعيد العاشق الرومنسي ، إذ يضبها مع حسام الخائن شبه عارية في مسكنه. أما الشاعر أنس داود إذ يعارض مسرحيتي شوقي وعبد الصبور: فإنه يصور الحب بين ليلى وقيس مقتولا بمطالب الأسرة المعيشية بعد أن تزوج قيس بليلى محبوبته. وما كانت تلك المتغيرات في صور المعارضة لقصة الحب التراثية في تاريخ العرب في العصر الأموي إلاّ تعبيرا عن اختلاف الثقافات والتفاعلات الاجتماعية والاقتصادية ما بين عصر وعصر تال له أو بين مستويين ثقافيين في فترتين من عصر واحد ومجنتمع واحد، هي لاشك تأثيرات الحداثة ، التي تبدلت على المجتمعات ؛ فاستحالت إلى التفكيك ، في عصر العولمة ؛ على نحو ما رأينا في مسرحية فليسار (أنتيجون في عصر العولمة).
لم يذهب فليسار إلى ما ذهب إليه "بريخت" في معارضته لسوفوكليس ، ولم يذهب إلى ما ذهب إليه "جان كوكتو" في معارضته لأنتيجوني نفسها ، ولم يذهب إلى الممسار الذي سار عليه "جان أنوي " ولا مشى على طريقة" الكاتب الأمريكي سامسون هيمي" في مسرحيته (الدفن في طيبة) ولا جري نصه مجرى نص "رياض عصمت" (الحداد يليق بأنتيجون) ربما يقترب مما كتبه مصطفى محمد عن أنتيجون في مسرحيته (الطريقة الأمريكية) من حيث أنهما يعارضان النص الأصلي على أرضية ثقافية عولمية ، وهو الأمر الذي يقترب منه أيضا عبد الجبار خمراني في (انتيجون تتمرد على السلطة في باريس) .
ومع أن كل من هؤلاء الكتاب العالميين ، قد عارض "سوفوكليس" فقد كتب كل منهم "أنتيجون" عصره ومجتمعه ، أنتيجونته هو. وكذلك فعل الكاتب المسرحي السلوفيني إيفالد فليسار إذ كتب أنتيجونته هو ؛ كتبها معادلا موضوعيا ليس لبلده وحدها ؛التي ترزح تحت وطء عسكرتارية العولمة الأمريكية الأوروبية ؛ ولكنها معادل موضوعي لكل البلدان التي ترزح بعد الانهيار الاقتصادي والسياسي والثقافي الذي أنتجته مفاسد الأنظمة البيروقراطية الحاكمة بعد تخلص شعوبها من الاستعمار القديم ترزح تحت نير عسكرة العولمة التي تتزعمها الولايات المتحدة الأميريكية ؛ التي ترفع شعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان ؛ بما أغرى شعوب تلك البلاد الفاسدة أنظمتها ببزوغ أمل الخلاص من نير حكامها البيروقراطيين الفاسدين المستبدين ، غير أن صدمة مروعة تصيب تلك الشعوب ، حيث يخسر الوطن كل شيء دون أن يحصل على أي شيء.
لا تدافع أنتيجون فليسار عن حق دفن جثة أخيها ، وإقامة الشعيرة الدينية (من التراب وإلى التراب) في مواجهتها لقانون الحاكم ؛ انتصارا لقانون السماء ؛ وإنما تدافع عن الأرض التي تحوي جثة أخيها، ضد نبش قبور الموتى ، تدافع عن قدسية القبور ، عن قيم إنسانية الإنسان ؛ في مواجهة وحش بشري سكنته هواجس العولمة ، وأصيب بسعار الطفيلية الرأسمالية المعاصرة ؛ التي لا تقيم وزنا لشيء لا لأرض ولا لعرض ، فكل شيء عندها مباح ومستباح في سبيل المال . إذن فقد عمد فليسار مباشرة إلى نتائج عصر العولمة الذي نعيشه ؛ ليكشف ممارساته المدمرة للإنسان وللشعوب ؛ بدءا بثقافة الترويض الثقافي ، متسللا عبر الترويض السياسي إلى الترويض الاقتصادي ، في اتجاه التبعية الكاملة ، ونفي الهوية ونفي الانتماء الوطني والقومي ، في مقابل لا شيء . تلك هي الدلالة التي انتهى إليها فليسار عبر صحبته لرحلة (أنتيجون) التي أعطاها اسم (كلارا) ثم سار بها في دروب عصرنا ، لا ليقاوم بها خبائث العولمة ؛ بل ليحضنا على مقاومتها ؛ حيثما تغلغلت في بلادنا وفي البلاد التي تناظر ظروفها ظروف بلاده ؛ ولأن ظروف بلادنا مناظرة لظروف بلاده ؛ لذا سعي نحو ترجمة خطاب نصه هذا في لغتنا ؛ علنا نعي الدرس ؛ ونؤمن بأن الشعار الذي أطلقه النظام ومفكره الإعلامي ، الذي تصايح مهللا بأن 90% من أوراق اللعب بيد الولايات المتحدة الأميريكية ؛ ذلك الشعار الذي أدى ببلادنا إلى طريق التبعية .
· "أنتيجون الآن" .. بين المادة والشكل والتعبير:
إذا اعتبرنا الفكرة واللغة والشخصيات بمثابة المادة التي ينبني عليها الشكل؛ وصولا إلى التعبير الدرامي عن الدلالة التي يريد الكاتب وصولها إلينا ؛ بغية التأثير الممتع المقنع معا ؛ فيمكننا عندئذ أن ننظر في مناط التناص أولا بين مادة نص أنتيجون في عصر العولمة ؛ مع أنتيجوني في العصر اليوناني القديم ؛ من حيث هو عصر الانفصام الثقافي الاجتماعي بين فكرة حق المواطنة بالنسبة للرجال الأحرار وانعدام حقوق المواطنة بالنسبة للعبيد وللنساء معا. وهنا نصل إلى وجه التآلف بين نفي حقوق المواطنة عن الشعوب التي ترزح تحت وطأة العولمة العسكرتارية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأميريكية ، وإثباتها بالنسبة لأمريكا وحلفائها المهيمنين على وسائل المعرفة والقادرين على إنتاجها المتوالد ، وبذلك انقسم العالم إلى دول كبرى مسيطرة ودول صغرى متخلفة ، ومعتمدة اعتمادا كليا على ما ينتجه الغرب المسيطر ؛ دول تتباهي بقوتها الاقتصادية والعسكرية ، وبما تنتج ، ودول تحفظ عن ظهر قلب مقولة دعاتها الذين ما فتئ كبيرهم يردد ( لقد سخر الله الغرب لنا × لينتج ما نحتاجه) ؛ وكأن الغرب يعطينا ما نحتاجه بدون شروط متعسفه؛ أولها الركوع والإذعان التام وفتح الأسواق لمنتجاتها الاستهلاكية المتدفقة؛ ليجربها في شعوبنا ؛ ويبتز ثمرة الكادحين من عمالنا وفلاحيننا.
· والفكرة في " أنتيجوني" سوفوكليس هي فكرة إقامة شعير دينية هي شعيرة دفن الميت ، بوصفه حرمة . والفكرة في" أنتيجون الآن" ؛ هي فكرة احترام حرمة الأموات . وهنا نصل إلى صورة التناص بين مادتي النصين؛ وهو كما نرى تناص تخالف ، فالبطلة " كلارا" المعادل الرمزي لأنتيجوني ومن معها (أستاذها الأعمي " جويدو" ورفيق طفولتها " بيتر " الذي أصبح مخرجا تسجيليا) هم أداة مقاومة نبش العمدة خال كلارا وزبانيته من القتلة المأجورين لقبور الموتى ، وهدمها وإحراق عظام الموتى في نص فليسار . والبطلة(أنتيجوني وتيريزياس ورئيس الجوقة والجوقة) هم أداة رفض قرار الحاكم كريون – خال أنتيجوني - بعدم دفن أحد أخويها؛ أو بمعني أدق ضد القانون الوضعي الذي ينفي قانون الآلهة الذي يقضي بإقامة شعيرة دفن الميت . وهنا نجد الشخصيات متناصة مع شخصيات نص سوفوكليس تناص تخالف؛ فجويدو الأعمي أستاذ كلارا ومعلمها يتناص مع تيريزياس، وبيتر رجل الإعلام يتناص مع قائد الجوقة وفي الطرف المضاد لهؤلاء المقاومين، يقف العمدة خال كلارا مناظرا لكريون الحاكم خال أنتيجوني ، ويناظر فيليب ابن العمدة - بالتبني- مع "هايمون ابن كريون" في نص سوفوكليس ، بينما تناظر" سابينا" شقيقة كلارا" ،" إسميني شقيقة أنتيجوني" ، ويتناظر كلا الحارسين في المسرحيتين فيما يعرف بالتناص المتخالف ، بينما يتناص حبس كلارا في مستشفى للأمراض العقلية دون أن تكون مريضة ، مما يتسبب في انتحارها ، يتناص تناص تخالف مع حبس أنتيجوني في كهف ، حتى الموت.

· "أنتيجون" ودرامية الشكل:
مع أن النص ينتمي إلى الحداثية من حيث كونه يتعرض لقضية معاصرة ، ويحض على التمرد بالوقوف ضد ممارسات العسكرتارية العولمية التي تقودها أمريكا ؛ في مسيرة قهرية لتحويل الدول المتدنية أنظمتها والمغلوبة شعوبها على أمرها ؛إلاّ أن البنية الدرامية تسير في مسار الأرسطية من حيث الشكل ، حيث الالتزام بالوحدات الثلاث ، وحدة الموضوع ، ووحدة المكان ، ووحدة الزمان ، حيث تجري الأحداث في مكان واحد وفي حدود يوم وليلة ، حول موضوع واحد . كما يقوم بالدور الذي كان الكورس الاغريقي يقوم به مجموعة متفرقة ، ما بين السياح والدليل السياحي من جانب والقاتلين المأجورين من الجانب المواجه له. ويعدّ رجل الإعلام التليفزيوني (بيتر) بمثابة مقدم الجوقة ، مع أنه لا يقود أحدا وإنما هو ناقل ومسجل للمعلومات والأحداث ، بوصفه شاهدا عليها. كما أن الشخصيات قد رسمت أبعادها لتظهر شخصيات نامية من لحم ودم ، بابعادها الثلاثة (البعد الاجتماعي والبعد الجسمي والبعد النفسي) ، وإن تقنع المؤلف في بعض المواقف خلف شخصية من الشخصيات ؛ معبرا عن وجهة نظر ، ربما لم تبدو متناغمة مع ثقافة الشخصية الاتي تحملها عنه (التي يتقنع خلفها ويحملها برأيه).
على أن التقديمة الدرامية ، شأن المسرحية اليونانية الأرسطية ، فاعلة هنا أيضا ، بما يمهد للحدث ، من حيث ما انتهت إليه القصة ، حيث تبدأ المسرحية عادة بعد حدوث المشكلة ، وتعاد تفاصيل ما جرى متفرقة على مناطق في مسار البنية الدرامية للحدث . كذلك التزم الحدث بحبكة درامية واحدة.
وفي الحوارية الآتية التي هي بمثابة التقديمة الدرامية ، التي تدور بين الدليل السياحي والسائح الثاني ، ويتداخل فيها القاتلان المأجوران بتكليف من العمدة الذي يتآمر على ابنة أخته (كلارا) في الخفاء ، بينما يظهر لها تعاطفه مع موقفها المقاوم لنبش قبر أخيها لبناء فندق وملعب جولف للسياح . ففي هذه الحوارية يتعرض المؤلف لبداية الأزمة:
"السائح الثاني: لكن كيف بدأ الأمر ؟
الدليل السياحي: الفندق الذي ترونه هناك ( ينظرون جميعا للوادي)
القاتل الأول: فندق الجولف
القاتل الثاني: كازينو الأثرياء الأجانب بمحافظهم المنتفخة بالنقود
القاتل الأول: جاكوزي في كل غرفة
القاتل الثاني: خدمة غرف 24/7
القاتل الأول: أسّرة مائية للنط السعيد مع الشابات الجميلات من الاتحاد السوفيتي السابق
القاتل الثاني: أرفع المواهب الحلوة التي تريد أن تسطع في سماء الفن !!
القاتل الأول: مطّل على البحر بدون أجر إضافي
القاتل الثاني: الإعلانات في كل المحطات الفضائية
القاتل الأول: بالرغم من أن الفندق بلا سقف حتى الآن
القاتل الثاني: ولا كهرباء
القاتل الأول: ولا ملعب جولف
السائح الرابع: كفى أيها السيدان
الدليل السياحي: لو سمحتما لي أن أتابع ... لقد أبرم عمدة هذه البلدة الساحلية الجميلة صفقة مع مستثمرين أجانب ، لكي يبنوا فندقا به كازينو وملعب جولف.
السائح الثالث: فكرة رائعة
الدليل السياحي: لكن الأمر توقف ، فلا توجد أرض تكفي لملعب جولف كامل
سائح : حسنا
الدليل السياحي: حسنا . اضطر العمدة لشراء أرض جديدة على الناحية الأخرى من الجبانّة .
السائح الثاني: وهو ما فعله كما عرفنا من الجرائد
الدليل السياحي: وهنا بدأت المشكلة
السائح الثالث: لماذا ؟
الدليل السياحي: لأن الجبانة وجدت نفسها مزروعة خلف ملعب الجولف
السائح الثالث: لا أرى مشكلة حقيقية
السائح الخامس: ماذا؟ ربما كان الموت حقا علينا ، لكن من ذا الذي يريد ان يتذكر الموت وهو يضرب كرة الجولف بعصاه في أثناء إجازته السنوية ؟
السائح الثالث" لست انا بالتأكيد
السائح الأول : كان بإمكانه لأن يلغي الجولف ويكتفي بالكازينو
الدليل السياحيك أراد هذا بالضبط لكن المستثمرين الأجانب قالوا إنهم بدون جواف سينسحبون
السائح الثالث: كانوا سيفعلون هذا حقا ن أليس كذلك
الدليل السياحي: وهكذا وجد العمدة نفسه في ورطة كبيرة ، إما أن ينسى المشروع برمته أو ينقل الجبانة ؟
السائح الثاني: وهكذا اختار الحل الأخير كما تقول الصحف
السائح: تعم . اشترى قطعة أرض ليبني محرقة للجثث ، وعرض على كل أقارب المدفونين في الجبانة ما لهاغ فوافقو جميعا ووقعّوا على أوراق تعطيه الحق لنبش جثث موتاهم وحرقها
السائح الرابع : الكل عدا فتاة واحدة
الدليل السياحي: نعم .ابنة أخت العمدة التي قالت إن إخراج أخيها من قبره لن يكون إلاّ على جثتها
السائح الثالث: ولماذا كا هذا ؟
الدليل السياحي: قالت إن الأرض التي دفن فيها هي ارض طاهرة مقدسة
السائح الثالث: شيء سخيف" ( ص – ص 12-16 )
هكذا نرى وجهة نظر مع ما فعله العمدة ، بسبب البطالة ، وتوقف المصانع عن الإنتاج لتكدسها دون إقدام المشترين عليها لرداءة المنتجات الوطنية وارتفاع أسعارها في مقابل رخص المنتجات الصينية التي تغرق الأسواق ، ورأينا الطرف الحيادي ، وكلا الطرفين يشكلان الدور الذي يقوم به جانب من الكورس الإغريقس القديم . أما الجانب الآخر الموالى للبطلة في موقفها فيمثله ( بيتر) الإعلامي رفيق صباها:
" السائح الأول : بالتأكيد هذه فتاة عنيدة جدا
بيتر: لا بد أن لديها أسبابا وجيهة تجعلها تفعل هذا
السائح الثاني: لم أقرأ كلمة طيبة واحدة عنها
بيتر: وهل تقرأ كل الجرائد والمجلات ؟
السائح الثاني: وأنت من عيّنك محاميا عنها ؟ ولماذا تدافع عنها ؟
بيتر : لأنك لا تعرف حقا ماذا تقول ....
الدليل السياحي: الهدوء ياسادة ياكرام."

هكذا صدقت حكومات الدول المتخلفة وأنظمتها الفاسدة ، المسنظلة بمظلة التبعية للغرب المتقدم المنتج للمعرفة والمتملك لوسائل إنتاجها ، صدقت الشعارات التي أطلقها دعاة العولمة الأمريكية ، التي تزعم أنها تعطي كل شيء للشعوب ؛ فسارعوا تحت ضغط الكساد الاقتصادي الناتج عن بيروقراطية إدارتهم للبلاد وتحت ضغط البطالة والارتفاع الجنوني في الأسعار وسعار الاستيلاء على كل شيء ، سارعوا إلى بيع كل شيء من مصانع ومؤسسات وأرض وتراث وقيم وذمم وضمائر وأعراض ، مؤملين أن يصبحوا كمليارديرات أميركا ، غير أنهم لم يجنوا غير الحصرم ، غير المزيد من الإفلاس والمديونيات المركبة عوائدها ، فلا عن تفشي الخبائث والجرائم والفضائح وكشف عورات الوطن والمواطن ، والمزيد من المهانة والخراب ولإفقار الشعوب ، لم يتبق لكل مأجور ذليل غير الخزي والحسرة:
"القاتل الثاني: في حالة الفندق تبخر المال
القاتل الأول: يحدث هذا أحيانا
القاتل الثاني:
لن تصبح رئيس الأمند
القاتل الأول: لا .. مبسوط ؟" (نفسه ص 115)
وهنا يأتي دور المواجهات بعد كل صدمة درامية ، إذ نرى فيليب الذي هو المعادل الرمزي المتناص مع شخصية هايمون في نص سوفوكليس ، ينقلب على أبيه الذي تبناه ويقف في الصف الذي كانت تقف فيه كلارا ، لكن بعد أن انتحرت بإلقاء نفسها من نافذة الدور العلوي في مستشفي الأمراض العقلية التي قادها الحارس الذي عينه العمدة خالها لمراقبتها والتجسس عليها ، بينما يتظاهر بأنه ما بعثه إلا لحمايتها من القتلة البلطجية الذين يأملون في إتمام المشروع السياحي الاستثماري لكي يشغلون الوظائف:
" العمدة : ..... يا فيليب يا من ربيته كابني لا تغضب مني . حاول أن تفهمني
فيليب: من يسعه أن يفهم وحشا
العمدة: منذ دقائق وصلني خبر إفلاس المستثمرين مع الانهيار المالي ( أو ممكن قرار المستثمرين بالانسحاب والذهاب لمكان آخر) ( ينظر للوادي) سيظل هذا المبنى الضخم غير تام ، سيظل نصبا حجريا هائلا يذكرنا بأّنا لا نستحق إلاّ ما نحوزه
جويدو: والآن
العمدة: ربما اغادر . أذهب لمكان بعيد بعيد جدا عن هذا المكان ، حيث أهنت إهانة بالغة، ربما لزمان آخر غير هذا الزمان الذي يعدنا بكل شيء ولا يقدم شيئا." (نفسه ص0-ص 110- 1215).
هذه هي العولمة إذن .. تعد بكل شيء ولا تقدم شيئا . وهنا يتضح مغزي الدرس أو التعليمية التي يقدمها لنا نص إيفالد فليسار ، وهي بمثابة العقوبة التي وقعت على أولئك الذين باعوا الأوطان ، بعد أن باعوا الذمم والشرف والضمائر والهوية والعرض ، ولم يكسبوا سوى الخزي والعار والندم ، بعد أن خسروا الجلد والسقط ، وأضاعوا الأوطان التي أمنتهم الشعوب عليها ، فانطبق عليهم المثل العربي القديم : " ولات حين مندم".

ما بين أنتيجون وحكايات التجوال لإيفالد فليسار
د.زين عبد الهادي
قرأت خلال الفترة الأخيرة عملين في غاية الأهمية للأدب العالمي قام بكتابتهما المبدع السلوفيني إيفالد فليسار، إحداهما عن المسرحية الكلاسيكية المهووس بها جميعنا، ومن لا يكتب عن أنتيجون، والعمل الثاني قصص تنتمي إلى أدب الرحلات، أنتيجون القرن الواحد والعشرين أو أنتيجون في زمن العولمة كما عنونها فليسار، وهي واحدة من إبداعاته الأخيرة التي قام بترجمتها إلى العربية الدكتور أسامة القفاش.
ربما ليس هناك جديد عن أنتيجون، إذ أن هناك ما يزيد عن الثلاثين عملا في الإنتاج الفكري العالمي تناول مسرحية أنتيجون وتبقى الأفضلية دائما لهومر وييوربيدس وسوفوكليس، وربما اكتسبت المسرحية شهرة أكبر مع جان كوكتو ، كما أن هناك ما يزيد عن الثلاثين عملا فنيا ما بين مسرح وأوبرا وموسيقى ولوحات تشكيلية تناولت أنتيجون.
قد لا يبدو كل ذلك جديدا، ولكن من المؤكد أن الزمن لا يتوقف، ومعه الإبداع الإنساني، فلا جديد تحت الشمس كما قال سليمان، ولكن الجديد دائما في طريقة تناول القضية، أو المعالجة الفنية الجديدة التي سيأتي بها الكاتب، تاتي أنتيجون في زمن الليبرالية المشوهة، والرأسمالية المطلقة، وضحايا الإنسانية المدعية، تأتي أنتيجون في زمن طأطأ فيه الجميع رؤوسهم، وسكتوا عن الجرائم اليومية التي ترتكب تحت مسميات معجونة بالكذب والنفاق والخوف، ولا أحد يدري السبب، تأتي أنتيجون من خلال تلك الصرخة التي يطلقها فليسار، اللعنة عليكم ستظلون ترتكبون الجريمة وتدعون الشرف وتسترقون السمع على الأبواب لصرخات فض غشاء بكارة المطحونين العرب في فلسطين وجوعى العالم الثالث فيما تعلو هاماتكم الرأسمالية أكثر وأكثر.
أقول إنه ليس هناك جديد لأن الجديد مستمر دائما، الجشع الإنساني ليس بجديد حين نضع له مسميات مبهمة، والشرف مسمى غبي للحياة الرغدة، أنتيجوني هنا تدافع عن حق الموتى في الراحة، فيما يقرر عمدة القرية احتلال مدافن القرية وتحويلها إلى 18 حفرة لملاعب جولف. توافق القرية، القطيع الذين يقومون بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات تحت مسمى الديمقراطية التي ليس لها علاقة بمعاناة الآخرين.
هذه هي حدوتة المسرحية، مقاربة من القرن الواحد والعشرين لما حدث على يد هومر منذ 24 قرنا تقريبا، هل هناك جديد، السلطة فاسدة، هل هناك جديد، الشعب يفسد بالتبعية مع فساد السلطة، هل هناك جديد، أعتقد أن معالجة فليسار هي الجديدة مع تلك اللغة الباردة غير المتشنجة التي ترفع من قيمة العمل، فالعالم بارد ثلجي متقطع رغم ظاهرية لم الشمل التي تتبعها الرأسمالية الأم، وتحت اسم المصالح تسقط كل القيم والمبادئ، فليسار يقول بأننا فاسدون بالتبعية، فاسدون حتى نخاع عظامنا.
يلعب فليسار لعبة الأسماء فها هو جويدو المدافع عن كلارا، ألا يذكرنا ذلك بشىء، ألا يذكرنا بالله، الله الذي لا يأتي كما قال عنه بيكيت، لكنه حاضر، لكن هل يستطيع شيئا أمام ثورة الرأسمالية والمصالح والغنى والتحول الطبقي، لا يمكن لله أن يفعل شيئا، فالشلال أصبح أقوى من يد الله، ويد الله بعيدة عما يحدث، وكلارا لن يمكنها شئ، سوى أن تعيد على أسماعنا صرخات أنتيجونه عن الشرف والمبادئ الإنسانية العظيمة، نعم.. من يقول المبادئ الإنسانية العظيمة، ماهذا اللغط، كلام أجوف بلا طائل، فقد راح جسد المسيح سدى، وانفلت الشيطان من عقاله وليس هناك مفر من تلك النهاية.
لا أريد أن أكون ملكيا أكثر من الملك، لكني أتفق مع فليسار، عليه اللعنة فقد أمتعني بهذا النص الجميل، وذلك القبح المتسلل بين الحروف لكل من يريدون أن يكون الباطل حقا إلهيا!.
العمل الثاني هو مجموعة قصصية تحت عنوان حكايات التجوال، والعنوان يقول أننا سنستمتع بحكايات من أدب الرحلات، وقد صدق ظني ، لكن الجديد هنا أن تلك المجموعة كتبت من خلال مفهوم الانتماء للإنسانية، وليس انتماءا شوفينيا من جانب الكاتب لأوروبيته، أو سلوفينيته، وانما هو إنسان ينتقل من مكان لآخر، من مشاهد مرسومة بعناية، لفوضى العالم حين يواجه المرء مشهدا جديدا يتخلل خلايا دمه وتبدأ قياساته القديمة تتلاشى.
تضم المجموعة إحدى عشر قصة قصيرة، تبدأ بسيد القطار، عن الهند صانعة الوهم في الحضارة الإنسانية ، حكاية بسيطة عن مسافر أوروبي في قطار هندي، ينام هو وزوجته في قمرتهما الخاصة حين يأتي سيد من الطبقة العليا الهندية معه الكثير من النساء والأطفال، ويطلب منه السماح بأن ينام على أرض قمرته فقط لمدة ساعتين، يرفض الأوروبي بالطبع ، فهو يخاف، تعلم الخوف والأدب، لن يسمح له بالدخول، يبدأ ضميره في الاستيقاظ لكن جسده يظل نائما، لعبة الضمير والجسد، يلعبها فليسار جيدا في هذه القصة، يحاكم الحياة الأوروبية كلها، التي جعلت له ضميرا واعيا، وجسدا منفصلا عن هذا الضمير لا يتحرك تحت وطأته، تماما كالقطار الهندى المنفصلة عرباته، لا يمكن أن تنتقل من عربة لأخرى، سجين عربتك حنى المحطة التالية، سجين جسدك المكبل الذي لا يتحرك، مهما تحركت أصواتك الداخلية، قصة قصيرة تلخص الموقف الأوروبي الإنساني العظيم، وهو ما لا يختلف مع اتجاهاته الفكرية في مسرحية أنتيجونه.
القصة الثانية استوقفتي كثيرا، إنها عن صبي يتيم في نيبال، اسمه "أوكي"، لكنه أبكم وأصم لا يستطيع أن ينطق سوى كلمتين ( جررر..إككككككك بررك)ن يتعرف عليه الزوجان، ويقوم بدور المرشد السياحي لهما في تلك البلدة الفقيرة في الهيمالايا، يظل يتتبعهما رغم الحصيلة الثرية التي منحاه إياها، لكنه يظل خلفهما يتنقلان به للمدينة الكبيرة ، ورغم الطعام والاستحمام ورغد العيش لسعات إلا أنهما سيعودان به لمدينته، ورغم رفض الطفل للعودة، إلا أنهما يتركانه في النهاية بجوار الجدار، كأن هناك كتيبة إعدام في انتظاره، قصة قصيرة تنتمي للأدب الإنساني العظيم.
نفس الموقف هنا لفليسار، إنه صاحب مبدأ إنساني قلما نجد مثيله في اتهامه للحضارة الغربية التي سرقت دول العالم الثالث ولا يبقى سوى الفتات – باسم الإنسانية الذي تم اغتياله – الفتات لتقدمه لتلك الأمم الجائعة البكماء الصماء الجاهلة، هذا هو مصير الديمقراطية الإنسانية والرأسمالية الإنسانية في النهاية.
ينبغي أن لا أشيد بكتابة فليسار، فمن أنا لأشيد به، لكني قابلت أحد هؤلاء الكتاب العظام وشكرا لكل من منحني الفرصة للكتابة عنه.

Lab of Narratology
Introduce

The Slovenian writer
Evald Flisar


Prepared by
Mounir Otaiba

1st June 2010

Content

The writer
The Subject
Mounir Otaiba
About Slovenia, The Slovenian Literature and Flisar

Evald Flisar (C.V)
Evald Flisar
Evald Flisar Speech
Dr. Abou El Hassan Sallam

Theatrical Adaptation in the Age of Globalization…Antigone as an Example
(Summary)
Dr. Zein Abdel Hady
Between Antigon and the tales of Wondering by Evald Flissar

About Slovenia, the Slovenian Literature and Flisar

Written by: Mounir Otaiba
Translated By: Mahmoud Elseidy

Slovenia is a central European country its capital is (Lobliana). The main city is (Ballad) with the famous ancient castle, and (Maribor) that stands with proud with its old theater, it is a famous winter resort, where winter sports are practiced such as skiing, jumping and biathlon
Toller is the national currency. Slovenia before Yugoslavia was a part of the Austrian Empire or Hapsburg Empire. Therefore we can find that the Slovenian culture is highly affected by the German era. Slovenian language belongs to the Yugoslavian family of languages that includes Russian, Bulgarian, Czech, Ukrainian, Polish and so on. It is a unique language compared to the other various languages of the Balkan that have a lot of similarities specially the three languages of Bosnian, Croatian, and Serbian languages. One of the most unique properties is the state of dual which is also a unique state in Arabic language as we know. Also the special grammar in which the end of the words would change according to its location in the sentence. which leads to the high ability to use various writing styles in literature. Also there are some similarities with the Arabic language that make translation easier into Arabic.
Slovenian literature and Slovenian authors played a major role in setting the national awareness of the Slovenian people, as the language and the literature both were the major means to distinguish the Slovenians as a separate nation either from the other nations such as Serbians, Croatians, and Bosnians or from the surrounding nations such as Italians, Austrians and Hungarians. The most important role played by the literature was at the time before independence as some observers consider the Slovenian’s Authors’s union was the center of the movement that’s calling for independence and the birth place that lead to the rise of the Slovenian republic.
From the few translations that tackled the Slovenian literature in Arabic We notice a variety of literature schools such as the charming reality, the harsh reality, symbolism, historic, and contemporary schools. We notice also the focus on the general human concerns, the killing loneliness that the one suffers from despite the fact that the world became a small universal village full of means of communication, the savage way of which people treat each other for the sake of silly temporal benefits, the feeling of loosing the hope in achieving the full humanity of the human beings in a world full of violence, opportunism, and explicit self-seeking. The most famous authors that some of their work were translated into Arabic were (Igor Bratouch, Milan Klutch, Drago Yanshar, Andre Blatnic, Maya Novak, Vino Modrndorfer, Andre Morovic, Alish Tshar and Yani Ferk) and one of those who was interested in translation the Slovenian literature into Arabic language is the Egyptian critic and director Dr. Osama ElQaffash who lives currently in Croatia. The Slovenian writer Evald Flisar had the lion share of the work translated into Arabic, as two plays oh his work ”Antigon at the time of Globalization”, “Planet Eleven”, and “Nora Nora ” that was shown in Elhanager theater festival in Cairo in 2005, and a collection of short stories titled ”Stories of Wondering” beside another two titled ”Father’s Dreams ” and” Enmity of the one who leaves now”
Evald Flisar was the president of Slovenian writers’ Union between 1995-2002 and he succeeded to maintain the unity of the union through keeping politics away from this agenda and reorganizing it taking into consideration the rights of the writers and promoting literature domestically and internationally and starting relationships with the corresponding organizations in other countries.
Flisar was born in 1944, a theater writer, a novelist, scenario writer, critic, chief editor of Sedobnose Magazine the oldest literature magazine in Europe. His writings were translated into many languages including Arabic, English, German, French, Finnish, Russian, Chinese, Indian, Czech, Croatian and other languages. Many of his plays were shown in Egypt, UK, Slovenia, Croatia, USA and many other countries. and he was awarded many prizes in different fields.
Narrations Laboratory Of Alexandria Library is proud to host Mr. Evald Flisar in a cultural celebration to present him to the Egyptian literates and to present them to him and to build a bridge of communication that we wish for it to extend and grow stronger, I would like to shed the light on two of his novels.
In a mysterious atmosphere the big family of Evald Flisar’s novel “the end of the history” moves to live in a new home recently bought. Despite all what could be expected of family intimate and close relationship between one another, however the fact shows that every member in the big family is a self sufficient, separate island. One member of the family found in a store room a strange device that every one wonders what it is! Based on the different cultures and interests of every one.
That strange device when it appeared became the only thing that keeping them together at least to think about it. But it is the same thing that shows how different and far they are from each other, the house wife as she sees her husband getting depressed because his mind failed to explain that strange device she decided to put it back in the store room and to lock its door with a key, emphasizing that (The world is full of things and accidents that we can not fully explain them at all!) as we should give a chance to our feeling and intuition and the spiritual aspect in our lives without putting every ting under the microscope of out brain and calculating every thing with figures only, that will destroy the human relationship and make it deformed.
The dream that steal or waste the lifetime of days of the same boredom and bitterness is the main idea of Evald Flisar novel ”another year or two”. Yansh is a European Youngman who works as a train driver in Australia, wearing himself in work and deprive himself of all the pleasures of the world to make a sufficient sum of money to enable him to live rich in welfare with no work, however he can’t save such sum of money at all, and every time the waitress at the restaurant asked him: ‘”Have you become rich yet?” he answers:” another year or two!”. He knows his problem very well ”the problem is any money I could save always looks less than enough. After the first year I said it is enough, but when I got the sum I wanted, I found it very little and modest, I reconsidered my plans, but when I got the number I planned I found it also not enough) it’s a breath taking race for a dream that will not come true, selling the present to buy a future that will not come, the hero of this story Yansh is not alone in that dreamer looser, it is a raw model of the modern man, we even are surprised in the end of the story when he asks his friend the waitress her own question(Hi Melina, have you become rich yet?)
Then she replies with the same bitterness of his answer in a state of exchanging roles, playing the other side of the same role, “Another year or two Yansh.. Another year or two.”


Evald Flisar (V.C)
(1945, Gerlinci, Slovenia)
Evald Flisar, whose work is praised as much by the critics as by his numerous readers, is a novelist, short story writer, playwright, travel writer and editor. He studied comparative literature at the University of Ljubljana and English (including English Lit.) at Chiswick Polytechnic in London. He has travelled in over 80 countries, mostly in the Third World. Between travels he worked (among other things) as an underground train driver in Sydney, Australia, and executive editor of the Marshall Cavendish Encyclopaedia of Science and Invention in London. He has written what some literary experts regard as the best travel books in Slovene so far, a cult novel, Čarovnikov vajenec (Going Away with a Wild Tiger), reprinted nine times, nine other novels (four of them shortlisted for Best Novel of the Year Award, one filmed for TV), two collections of short stories, numerous radio plays and fifteen stage plays, all of which have been produced professionally at home and (some) in many countries abroad, including London's West End.

Winner of the highest awards for both prose and drama, Flisar is editor of the oldest Slovenian literary magazine Sodobnost, founded in 1933. From 1995 to 2002 (at one of the most crucial moments in the 130-year history of this organisation) he was president of the Slovene Writers' Association. Because of divergent political views among the 325-strong membership (at least a third of them influential public figures, some of whom became ministers in successive governments) the Association was in danger of splitting up along political lines – the fate of many such organisations in post-Communist European countries. Flisar succeeded in preserving its unity by banishing politics from the Association's agenda and reorganizing it as a professional body concerned mostly with author's rights, promotion of literature at home and abroad and affiliations with similar organisations in other countries. Nevertheless, the traditional right of the Writers' Union to speak publicly on matters of national interest and social as well as cultural problems remained unaffected and has been somewhat eroded only recently.

Although Flisar's prose figures prominently on the national literary scene, he has achieved his greatest success, especially internationally, as a playwright. His most successful play, Tomorrow (Prešeren Fund Award, highest state award for literature), originally broadcast by BBC Radio 3 and later produced on stage in as many as eighteen countries, has been described by a British critic as "a brilliant absurdist comedy showing the birth of the postmodern society", and most recently by Austrian critics as "a theatrical wonder" and "a masterpiece'. His more recent play, Nora Nora (Best Play of the Year Award, 2004) caused a scandal when produced in Arabic translation at the Hanager Art Centre in Cairo. Another great success at home and abroad was his play What about Leonardo? (Prešeren Fund Award, Best Play of the Year Award), which The Times critic Jeremy Kingston after its London production described as »a remarkable study of a man out of touch with himself«. The play has been produced on professional stages as far apart as Iceland and Indonesia (where the legendary Teater Koma's January 2008 production (Kenapa Leonardo?) engendered an intense public debate, with page-long reviews in at least 20 newspapers and with a Google search producing more than 30.000 entries within days of the play's opening).

Mong recent foreign productions of Flisar's plays are What about Leonardo? (Gesshoku Kagekidan Theatre, Tokyo, Japan), Shakuntala 2009 ((Ganakrishti Theatre Company, Kolkata, India), The Eleventh Planet and Uncle from America (Theater im Keller, Graz, Austria). Pending productions include The Eleventh Planet (Uhan Shii Theatre, Taipei, Taiwan), Nora Nora (Gesshoku Kagekidan Theatre, Tokyo, Japan), Antigone now (Theater im Keller, Graz, Austria; Al-ghad Theatre, Cairo, Egypt; Teater Koma, Jakarta, Indonesia).

BIBLIOGRAPHY (a selection)

Mrgolenje prahu (A Swarm of Dust) 1968, novel
Umiranje v ogledalu (Dying in a Mirror), 1969, novel
Kostanjeva krona (The Chestnut Crown), 1970, stage play
Tisoč in ena pot (A Thousand and One Journey) 1979, travel book
Južno od severa (South of North) 1981, travel book
Lov na lovca (Hunt the Hunter) 1984, short stories
Čarovnikov vajenec (Going Away with the Wild Tiger), 1986, 1988, 1990, 1995, 2000, 2003, 2008
Noro življenje (Crazy Life) 1989, novel
Kaj pa Leonardo? (What about Leonardo?) 1992, stage play
Jutri bo lepše (Tomorrow) 1992, stage play
Stric iz Amerike (Uncle from America) 1994, stage play
Tristan and Iseult: a Play about Love and Death, 1994, stage play
Potovanje predaleč (A Journey too Far) 1998, 1999, 2000, 2005 novel
Zgodbe s poti (Tales of Wandering) 2000, 2001, short stories
Velika žival samote (My Father's Dreams), 2001, novel
Ljubezni tri in ena smrt (Three Loves, One Death) 2002, novel
Čaj s kraljico (Tea With the Queen) 2004, novel
Drame (Plays), 2006, a collection of seven plays
Mogoče nikoli (Maybe never) , 2007, novel
Opazovalec (Observer), 2009, novel
Antigone now, 2009, stage play

Flisar's work has been translated into
English, Dutch, German, Czech, Slovak, Finnish, Italian, Spanish, Portuguese, French, Danish, Icelandic, Croatian, Serbian, Macedonian, Albanian, Russian, Hungarian, Greek, Lithuanian, Turkish, Arabic, Malay, Indonesian, Hindi, Bengali, Marathi, Nepalese, Japanese, Chinese.

Literary readings abroad
London, Oslo, Copenhagen, Stockholm, Helsinki, Budapest, Leipzig, Lahti, Rio de Janeiro, Sao Paolo, Salvador, Kuala Lumpur, Calcutta, New Delhi, Bombay, Kolkata, Kathmandu, Sydney, Adelaide, Melbourne, Canberra, Frankfurt Book Fair, Prague Book Fair, Budapest, Lisbon, Athens, Cairo, Chicago, Jolliet, Milwaukee, Washington, New York, Trieste, Rome, Bari, Jakarta, Tokyo, Mexico City, Guadalajara.



Evald Flisar Speech
Ladies and gentlemen.
Correct me if I am wrong, but it seems to me that we live in an age when most people no longer look for conso­lation in stories, novels and poetry. Why not, we may ask. One of the possible answers is this: In fiction and poetry, truth can be uttered only between the lines. It is fragile, gentle, ambivalent, left – as it must be – to subjective interpretation. Today, however, most people in their need for certainty grasp at literature which does not mystify, but instead clarifies and informs. Today's readers require 'objective' facts in order to feel safe.
There is no use denying it: Storytellers, poets, masters of imagination, have been overshadowed by documentary literature which claims the privilege of veracity for itself, while accusing fiction of being invented. In such circum­stances, what should be the role of “fine” literature, in which from time immemorial have dwelt the spirit and wisdom of mankind? How, within the cramped space in which it can scarcely breathe, should fiction preserve not only self-assurance and dignity but – more importantly – belief in its irreplaceable mission? How should it reestablish contact with the hearts and minds of the people in whom alone it lives, in whom alone it is literature?
In other words, how should the writer write if he wants to be read by a world which is preoccupied with other, seemingly more pressing affairs: with war and peace, with politics, economics, with hunting for riches, with the struggle for survival? A world that prefers to seek the truth about itself in newspaper reports and commentaries, in television news and round-table discussions?
Let us put the same question another way. Should the writer, in order to attract the attention of the world which is too busy to find the time for invented stories, speak out in a different, more provocative language? Where do the rights of the artist end, and where do his obligations begin? Does he have any obligations, other than to follow his artistic ambitions? Should he, in a world which has become such a mess, assume the role of moral arbiter, of combatant against evil? And how should he play this role: by uttering public proclamations and approbations? Or should he turn his writing into a means of instruction and re-education?
Certainly not, would be the answer of most writers I know. The spirit of the times will find an echo in a writer’s work regardless of how indifferent he or she may be to social and political problems of the day. Writers do not live in a vacuum, they are children of their times. When Samuel Beckett wrote a play in which the audience was confronted with a pile of rubbish on an empty stage, he was delivering a harsher critique of his time than he could have done with any polemic, no matter how sharp. At a certain moment in the history of Western culture, silence was more eloquent than any words, no matter how loud.
At the very heart of Western civilization, all forms of art have long been in a critical state of uncertainty. Not even literature has been spared from the fragmentation and disharmony so characteristic of scientific pursuits. One is reminded of the gypsy Melkiades in the novel One Hundred Years of Solitude by Gabriel Garcia Marquez – the gypsy who went through a village with two magnets so powerful that they plucked from the shelves pots, pans, pliers, nails and other objects, and dragged them along behind him, at the same time sucking out from dark recesses all those things that people had lost and could no longer find. “Things are alive,” Melkiades explained. “We need only awaken their souls.”
There is something within our hearts and minds that we have lost or mislaid, something from which we have alienated ourselves. Many things within us are lying on our inner shelves as dead objects whose spirit we can no longer awaken. So much in our hearts and minds has been killed by the fear of the world in which we have to find not only meaning but also a way to survive. What, then, is left to the writer in this age which, despite the superabundance of everything, seems so strangely, so chillingly empty?
There is a well-known sufi tale which speaks of a storyteller who was reproached by one of his readers for recounting tales without letting people know how they should be understood. The storyteller responded: "How would you feel if a greengrocer were to eat in front of your eyes the fruit you had just bought from him, and leave you only the rinds?" The reader stubbornly persisted: "That means that some will interpret your stories one way, and others differently." "That's just where their value lies," replied the storyteller. "Surely you would not have a high opinion of a cup from which you could drink only water, yet not also milk, or of a plate from which you could eat meat, yet not also potato. The cup and the plate are only vessels."
And that, in its essence, is also literature. The work of literature is a vessel for preserving the meaning of life, a refuge in which, as John Berger observes, the most fragile and yet at the same time the most important human truths have been rescued from oblivion. Be it a play, novel or poem, any good literary work is the salvation of meaning from the boundless hollowness of time. As ever before, likewise today, we need stories which do not come with an accompanying key. We need stories which the reader can open up just for himself, in his own way. In the flood of one-dimensional words, in the hubbub of market chatter, we also need words that reach our hearts, our souls, from where they come. And if we believe that what we need above all is truth, let us remember that poetry, as someone once said, is no more than truth in its Sunday best.
To put it even more simply: truth is a matter of imagination. That’s why I believe that the writer today has a very clear role: he must communicate to his readers the truth. Not the truth of facts and statistical analyses, but truth as understanding, as compre­hension of the inexpressible nature of our existence. The writer's role – and I feel no shame in saying so – is to connect us with man's fundamental pain in the empty universe: with the pain of a subject abandoned to its own resourcefulness.
Yet how is the writer to express the inexpressible? He must be, as he has ever been, an alchemist, like the gypsy Melkiades. With the magnet of his creative power he must go out into the world, extracting from the dark hidden comers all those tiny things which we have stored away and forgotten, and which for lack of time we no longer seek, although we miss them more than we dare to admit. And when, with his magnet, the writer collects these tiny lost things he must, by the alchemic process of his art, transform them into a nugget of gold of such purity that anyone who holding it up to his eyes will be gazing into those features of himself that he cannot or refuses to see. In this way the writer will no longer be only an artist, but also (as he has ever been) a magus, conjurer of the higher forces, changer of the world.
Thank you, ladies and gentlemen.




Theatrical Adaptation in the Age of
Globalization…Antigone as an Example
(Summary)
Dr. Abou El Hassan Sallam


Literary adaptation has been known for ages, especially in the fields of poetry and epics. It is also known in theater. In epics, Virgil adapted Homer’s Iliad in the Aenid in the Roman era; Abu al-'Alā al-Ma'arri also adapted Ibn Shaheed El Andalusi’s Disciples and Cyclones (Al Tawabe’a wal Zawabe’a); and Dante adapted Abu al-'Alā al-Ma'arri’s the Epistle of Forgiveness (Resalat Al-Ghufran) in the Divine Comedy in antique Italian literature.

While antique Arabic criticism invented the term poetic adaptation; adaptation was manifested in theatrical arts long before its manifestation in poetry. Intertextuality also emerged when Aristophanes, the acclaimed comic poet of Ancient Athens, was inspired in his famous play “The Frogs” by Plato’s Phaedo. If we looked at the different versions—close to five hundred theatrical texts—in which authors of different nationalities and hundreds of languages have adapted Sophocles’ play; Oedipus the King, we would be surprised as to the contrast between all the versions whose authors have adapted the Play. Here appears the value of the numerous handling and contrasting of one text created by its first writer, then build upon its idea by all those who came across it to be reproduced into a text that carried the prints of the adapting writer, exposing the second writer’s identity and that of the new era; not that of Sophocles.

The same is true for the adaptations of each of Brecht, Jean Cocteau, Jean Anouilh, and finally the Slovenian writer Evald Flisar who presented us with “Antigone 2010, a Documentary”, expressing a disintegrated point of view of the Greek style and the ancient rhetoric presented by Sophocles, and reflecting the spirit of our current age, taking hold of the historical moment the peoples of the world are living, whilst the United States of America is leading the militarization of globalization and forcing it on them, starting with the infiltration of cultural patterns and strongholds of peoples with ancient civilizations, by cutting off the roads to their development and national plans, in a desperate attempt to divert them from the path of national development and lead them to the road of total political and economical dependency, by waving shiny deceptive slogans implying that globalization will help these peoples achieve all their hopes in development and prosperity and give them everything. The peoples whose regimes have followed those slogans of domination will discover that they have fallen into the total dependency trap and are bound with the inescapable restrictions of the militarized globalization economics at gunpoint. The peoples that have been liberated from past colonialism, through the sacrifices of previous generations, will be banished in all types of dependencies created by the grandchildren of old colonial capitalism and new imperialistic multinational capitalism that erases all borders and national identities, without gaining anything versus losing everything: land, markets and means of production, cultural and heritage identities, and virtues, lives and souls.

This is the essence of the play entitled “Antigone 2010, a Documentary” by the Slovenian playwright Evald Flisar, which reflects the spirit of the writer and that of our era. It exposes the American militarized globalization and its practices; not only in the writer’s country, but in all other countries with similar circumstances, one of which is our country and many other countries all around the world, where fathers have given their lives for their liberation from old colonialism, only to be replaced by contemporary colonialism; fortified with all means of knowledge with its never-ceasing abundance, eliminating those incapable of knowledge production; those languishing under the Tree of Knowledge biblical legacy on the story of the beginning of creation and the sin that led Adam and Eve to leave the Garden of Eden.

Hence, we do not consider Flisar’s adaptation of Sophocles’ Antigone an adaptation in itself; but an objection by civilized human heritage to the militarized globalization attack on it represented in Flisar’s text on behalf of human identity; the walls of which militarized globalization perforated on all geographical, cultural, economical and political levels.

This is the context of Flisar’s Antigone; an adaptation of Sophocles’ Antigone, in which the slim girl; Antigone, uses her principles and strong will to defend a divine law against a law mandated by the tyrant ruler Creon. It is obvious to us that the contemporary symbolic equivalent for Antigone in Flisar’s text is “Clara”, whom he depicted intertextually as Sophocles’ Antigone, to maintain the beliefs of the protectors of great civilizations’ cultures and their denouncing of what is known as the “New World Order”, led by the United States of America, especially in the era of George W. Bush.
The playwright Evald Flisar wrote his Antigone as a subjective equivalent not only to his country that is suffering under the Euro-American militarized globalization, but to all countries suffering—after obtaining their freedom from old colonialism—from the economic, political and cultural collapse resulting from the ruling bureaucratic regimes. These countries now suffer from the militarized globalization led by the United States of America that entices the peoples of these countries with hopes of a new dawn and salvation from corrupt rulers, by promoting slogans of democracy and human rights. These peoples, however, receive a shock resulting in nations losing everything and gaining nothing.
The dramatic layout of the text follows the Aristotelian path as it conforms to the three units; subject, location and time. The events take place in one location, within a single day and night, and focus on one subject. In the text, the role of the Greek chorus is performed by separate groups; the tourists and their guide on one side and the mercenaries on the opposite sides. The Media-man “Peter” is considered the presenter of the chorus, despite the fact that he does not lead anyone; he is merely a witness to the events whilst transmitting and recording information. The dimensions of the cast were drawn to reflect three dimensional (social, physical and psychological) real-life personalities. In some situations, the writer is masked behind one of the personalities attempting to reflect a certain point of view, which may have not been harmonious with the culture of said personality.
As with all Aristotelian Greek plays, the dramatic presentation is active in introducing the event at which the story ended. The play usually starts after the occurrence of the problem, and the details of what had transpired are repeated separately throughout the dramatic layout of the event. The event also committed to a single dramatic plot.

Globalization, as presented by Flisar, promises everything and offers nothing. This clarifies the significance of the lesson or teaching presented through Evald Flisar’s text. It is tantamount to the punishment that befell those who have sold their homelands, after selling their morals, honor, conscience, identity and virtue, and have gained nothing but shame, dishonor and regret after losing everything and doing away with their homelands; the homelands that the peoples entrusted them with.



Between Antigon and
The tales of Wondering by Evald Flissar
By Dr. Zein Abdel Hady
Translated by: Mahmoud Fawzy

I have read recently two pieces of work which are very important to the international literature, they were written by the Slovenian, innovator writer Evald Flissar , one of them is about the classical play which we are all (even those who are not writers) obsessed with, Antigon . The other one is about the travel literature. Antigon The twenty first century or "Antigon in the globalization age" as entitled By Flissar. It is one of his latest innovations translated into Arabic by Dr. Osama El Kaffash.
May be there is nothing new about Antigon, as there are more than thirty pieces of international intellectual production about Antigon but the superiority remains for Homer, Eurobidus and Sophoclis, and may be the play had more fame with Jean Kokto , As there are more than thirty pieces of art like Theater , Opera ,Music and Paintings about Antigon.
All of this may not look new. But for sure, Time never stops and humanity creation won’t stop either ."Nothing new under the sun" Soliman said. But the new always comes from the way of adopting the case or the new artistic manipulation done by the writer. Antigon comes in the time of the deformed liberalization, supreme capitalization and the victims of fake humanity. Antigon comes in a time on which all bow heads, close mouths to the daily crimes committed under claims mixed with lies , hypocrisy and fear , and nobody knows the reason. Antigon comes through Flissar's scream "Damn you ,you will keep committing the same crime ,pretending nobility and listen secretly to the screams of the defloration of the crushed Arabs in Palestine and the starving humanbeings of the third world when your capitalization Heads become higher and higher.
I can say that there is nothing new as having new things is always continuous. The human greed is not new when we give it unrecognized names, and honor is a silly name of the flourished life. Antigony here is defending the rights of the dead to rest in piece. While the village mayor decides to take over the village cemetery and change it to make 18 hole golf playground. The village approves this movement, these cattle who vote in the election under the claim of "Democracy" which has no relationship with the sufferings of others.
This is the plot of the play. what happens in the Twenty first Century is very close to what happened twenty Four Centuries ago, Is there anything new? The corrupt Authority . Is there anything new? People are corrupted as a result of the authority corruption. Is there anything new? I think Flissar's manipulation is the newest with its cold and moderate language which rise the value of the work. The world is cold and disconnected despite the appearance of the unity policy that’s adopted by the mother capitalism. Under the name of interests all values and principals vanish. Flissar says that we are corrupted as a result to that, corrupted to the bones.
I don't want to be more royal than the king himself. But I agree with Flissar, damn him I was amused by this marvelous script and this ugliness coming between the letters for all those who wish to make the false a divine right.
The second piece of work is a tales collection named "the tales of wondering ". The title informs us that we are going to enjoy some tales of travel literature. And I was right. But the new thing here is that these tales were written under the concept of loyalty to humanity. And not out of the loyalty feeling of being a European or Slovenian, but he is a humanbeing who moves from one place to another , from scenes well pictured to the mess of the world when man faces a new scene that goes through his blood and his old measures start to vanish.،
The collection is consisted of eleven tales begins with "the train master" .It is about India, the illusion maker in the human civilization. Ordinary tale , about a European gentleman in an Indian train. He sleeps with his wife in his private cabin ,Then a high class Indian comes with a lot of women and children asking the European gentleman to let him sleep with his family on the cabin floor just for two hours ,of course the European gentleman refuses as he is afraid .he is learned to be afraid as he learns the Etiquette. He will never let this Indian come in. His conscience starts to wake up but his body is still asleep.it is the game of body and conscience which is played very well by Flissar in this story. He is prosecuting the European life that gave of that gentleman an alert conscience and a disconnected body separated from this conscience that never moves to its commands. Exactly like the Indian train with disconnected trailers, where you can never move from on trailer to another before you reach the next station, a prisoner in your own trailer till the next station. A prisoner in your tied body that cannot move, no matter how your inner voices move. A short story summarizes the great human European attitude which has no difference with Flissar's intellectual attitudes in his play Antigone.
I was astonished by the second story .It is about an orphan boy from Nepal , his name is "Oky" ,but he is deaf and mute ,He cannot say but two words " garrrrr Ekkkkkk Brrrrrk" he is met by a young married couple . This boy becomes their tour guide in that poor village in The Himalaya. He keeps following them in spite of the good money they gave to him, But he keeps following them, they vtake him to the big City. Despite the food ,shower, and the ease life for short hours, they will take him back to his village .They boy refuses to go back, but they left him in the end beside a wall the as if an execution squad is waiting for him. a short story belongs to the human literature.
Again, The same situation of Flissar. He is a man of kind human being principals that you can rarely find like him accusing the Western civilization of stealing the third world countries just leaving them the bits (under the claims of humanity) only the bits provided to those starving, deaf, mute and ignorant nations. This is the destiny of the human democracy and the human capitalism in the end.
I shouldn't praise Flissar's work of arts, as I am in no position to do so but I’m grateful to met such a great writer. So, all my gratitude for all whoever gave me that opportunity to write about him ...


الجمعة، 4 يونيو 2010

الثلاثاء 1 يونيه 2010م.


















رئيس اتحاد كتاب سلوفينيا السابق في مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية

الأديب العالمي إيفالد فليسار: سعدت بوجودي في مكتبة الإسكندرية وبتجربة مختبر السرديات

الإسكندرية في 2 يونيو– أكد الأديب السلوفينى إيفالد فليسار رئيس اتحاد كتاب سلوفينيا السابق سعادته بوجوده في مكتبة الإسكندرية ضمن كوكبة من كتاب وأدباء الإسكندرية، الذين يضمهم مختبر السرديات بالمكتبة، مضيفاً أنه سعد بالجولة التي قام بها داخل أروقة مكتبة الإسكندرية والتي بهرته بهذه المؤسسة العملاقة وبمحتوياتها الهامة التي يجب على كل باحث وكاتب أن يطلع عليها ويستكشفها، موضحاً أنه سعيد بتجربة مختبر السرديات التي ترعاها المكتبة، وبما قدمه أعضاء المختبر من قراءات هائلة لأعماله الأدبية المترجمة للعربية.

جاء هذا خلال اللقاء الذي نظمه مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية أمس الثلاثاء أول يونيو2010 مع الكاتب السلوفينى إيفالد فليسار، حيث تم إعداد ملف عن فليسار باللغتين العربية والإنجليزية يتناول رحلة فليسار الأدبية ودراسات عن أعماله المسرحية والقصصية قدمها الدكتور أبو الحسن سلام والدكتور زين عبد الهادى وأعضاء المختبر، بالإضافة إلى عرض باور بوينت لصور من حياة وأعمال فليسار علق عليها بنفسه.

في البداية تحدث الأديب منير عتيبة المشرف على المختبر عن سلوفينيا كدولة من دول وسط أوروبا وعاصمتها "لوبيانا"، وأهم مدنها "بلد" ذات القلعة الأثرية الشهيرة، و"ماريبور" التي تفتخر بمسرحها العريق، مشيرا إلى أننا نجد في الثقافة السلوفينية تأثرا كبيرا بالعنصر الجرماني، وقد لعب الأدب السلوفينى في مرحلة ما قبل الاستقلال دورا مهما حيث يعتبر بعض المراقبين أن اتحاد الكتاب كان مقر الحركة المنادية بالاستقلال والمهد الذي أدى إلى ولادة جمهورية سلوفينيا، ونلاحظ من الترجمات القليلة التي تناولت الأدب السلوفينى باللغة العربية تنوع المدارس الأدبية كالواقعية السحرية، الواقعية الخشنة، الرمزية، التاريخية، الحداثية، والتركيز على الهم الإنسانى العام، الوحدة القاتلة التي يعانيها الفرد. أما فليسار فقد شغل ايفالد فليسار منصب رئيس اتحاد الكتاب السلوفينيين في الفترة من عام 1995 إلى عام 2002، ونجح في الحفاظ على وحدة الاتحاد من خلال إبعاد السياسة من جدول أعماله وإعادة تنظيمه بهدف الاهتمام بحقوق المؤلف والترويج للأدب في الداخل والخارج وإنشاء شراكات مع المنظمات المماثلة في البلدان الأخرى، ولد فليسار عام 1944م، وهو مؤلف مسرحي وروائي وكاتب سيناريو وقاص وناقد أدبي، ورئيس تحرير مجلة سدوبنوس أقدم مجلة أدبية في أوروبا. ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات من ضمنها العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية والفنلندية والروسية والصينية والهندية والتشيكية والكرواتية وغيرها. وقدمت أعماله المسرحية في مصر وبريطانيا وسلوفينيا وكرواتيا والولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى. حاصل على العديد من الجوائز في مجالات مختلفة.

وفي كلمته إلى مثقفي الإسكندرية تحدث فليسار عن دور الأدب ومشاكل الأديب في عالم متغير بسرعة شديدة، مؤكدا على أن وظيفة الأدب تكمن في كونه وعاء يحفظ معنى الحياة، وملجأ حيث -كما يراه جون بيرجر- الأكثر هشاشة ومع ذلك حقائق الإنسانية الهامة تم إنقاذها من النسيان. إن أي عمل أدبي جميل هو خلاص المعنى من الفضاء غير المحدود للوقت، إن الحقيقة هي جوهر التخيل، لذا فإنني أؤمن أن الكاتب اليوم لديه دور واضح للغاية وهو توصيل الحقيقة لقرائه. إنني لا أتحدث عن الحقيقة المجردة والإحصاءات والتحليلات، بل الحقيقة كفهم، كإدراك للطبيعة المتعذر تفسيرها لوجودنا. إن وظيفة الكاتب -وأقولها دون أي خجل- هي أن يربطنا بألم الإنسان الرئيسي في هذا الكون، يتعين على الأديب أن يخرج إلى العالم بمغناطيس قوته الإبداعية وأن يستخرج من الأماكن المظلمة الأشياء الدقيقة المنسية، والتي لم نعد نبحث عنها لقلة الوقت رغم أننا نفتقدها.

وفي دراسته عن مسرحية فليسار "أنتيجون في عصر العولمة" تحدث د.أبو الحسن سلام تحت عنوان "المعارضات المسرحية في عصر العولمة..أنتيجون نموذجا" موضحا أن المعارضة الأدبية عرفت منذ قديم الزمان، بخاصة في مجال الشعر وفي مجال الملاحم ، كما عرفت في مجال المسرح، ؛ ففي المسرح تجسدت المعارضة المسرحية ، قبل تجسيدها في فن الشعر بزمان ، كما نشأ التناص ، باستلهام الشاعر الكوميدي اليوناني الشهير أريستوفانيس لـ (محاورات فيدون) لأفلاطون، بمسرحيته المعروفة بـ (الضفادع)، والأمر نفسه ماثل في معارضات كل من " بريخت " ، " جان كوكتو" ، و"جان أنوي" وأخيرا الكاتب السلوفيني "إيفالد فليسار" الذي قدم لنا (أنتيجون .. في عصر العولمة) معبرا عن وجهة نظر تفككية للنسق اليوناني وللخطاب القديم الذي أراده سوفوكليس ، بما يعكس روح عصرنا الآني ، ممسكا باللحظة التاريخية التي تعيشها شعوب العالم في ظل عسكرة العولمة التي تتزعمها الولايات المتحدة الأميريكية ؛ بما شرعت بفرضه على الشعوب ، بدءا بتسلل نمطها الثقافي ، إلى معاقل ثقافات شعوب عريقة ، ذات حضارات عريقة ؛ بقطع الطريق على مسيرتها التنموية ، ومخططاتها القومية ، في محاولات قهرية مستميتة لحرفها عن طريقها التنموي الوطني والانزلاق بها نحو طريق التبعية السياسية والاقتصادية الكاملة .. بالتلميح بشعارات براقة خادعة بأن العولمة ستحقق لتلك الشعوب كل آمالها في التنمية والرفاهة ، وتعطيها كل شيء ؛ لتكتشف تلك الشعوب التي هرولت أنظمتها الحاكمة خلف شعارات الهيمنة تلك أنها وقعت في مصيدة التبعية الكاملة وقيدت بقيود اقتصاديات العولمة العسكرتارية التي لا فكاك منها تحت تهديد السلاح ، وبذلك تعود الشعوب التي تحررت من قيود الاستعمار القديم البغيض بتضحيات جسام دفعها الأجداد والآباء ، لترسف في أغلال كل صنوف التبعية تحت وطأة أشكال متعددة من ابتكار أحفاد الرأسمالية الاستعمارية القديمة والرأسمالية الامبريالية الجديدة المتعدية للجنسيات والنافية للحدود وللهويات الوطنية والقومية ؛ دون أن تحصل تلك الدول على أي شيء ، في مقابل خسارتها لكل شيء :( الأرض ، والأسواق ووسائل الإنتاج ، والهوية الثقافية والتراثية ، والأعراض والأرواح والأنفس.) هذا هو خطاب مسرحية (أنتيجون في عصر العولمة) للكاتب المسرحي السلوفيني إيفالد فليسار، وهي كما رأينا تعكس روح الكاتب وروح عصرنا ، وتعري عولمة العسكرتارية الأمريكية ، وتفضح ممارساتها ، ليس في بلده وحدها ، بل في كل البلاد التي لها مثل ظروف بلاده ، كبلادنا ، وبلاد كثيرة غيرها في كل أرجاء العالم ، بذل فيها الآباء أرواحهم في سبيل تحريرها من الاستعمار القديم ؛ فجاء الاستعمار المعاصر، متوجا بما ملكت يداه من وسائل المعرفة ، ومخزونه المعرفي ، المتوالد أبدا ، ليستعبد العاجزين عن الإنتاج المعرفي ، القابعين تحت شجرة المعرفة التوراتية المتوارثة ، عن حكاية بدء الخليقة والخطيئة التي أدت إلى هبوط آدم وحواء.

وفي دراسته " ما بين أنتيجون وحكايات التجوال لإيفالد فليسار" أشار د.زين عبد الهادى إلى أن مجموعة حكايات التجوال لفليسار المجموعة كتبت من خلال مفهوم الانتماء للإنسانية، وليس انتماءا شوفينيا من جانب الكاتب لأوروبيته، أو سلوفينيته، وانما هو إنسان ينتقل من مكان لآخر، من مشاهد مرسومة بعناية، لفوضى العالم حين يواجه المرء مشهدا جديدا يتخلل خلايا دمه وتبدأ قياساته القديمة تتلاشى، فالكاتب صاحب مبدأ إنساني قلما نجد مثيله في اتهامه للحضارة الغربية التي سرقت دول العالم الثالث ولا يبقى سوى الفتات – باسم الإنسانية الذي تم اغتياله – الفتات لتقدمه لتلك الأمم الجائعة البكماء الصماء الجاهلة، هذا هو مصير الديمقراطية الإنسانية والرأسمالية الإنسانية في النهاية.

وفي مداخلته حول مجموعة حكايات التجوال أشار الأديب سعيد سالم إلى أن عنوان المجموعة يشير إلى أن قصصها تنتمى بالدرجة الأولى الى أدب الرحلات.. وما اعتدناه عن أدب الرحلات أنه يقدم لنا معادلة فنية شائقة تجمع بين المكان والانسان، ورغم أن المكان هو العنصر الجوهرى باعتباره جديد على القارىء ولم يعرف أسراره في أغلب الأحوال سوى الكاتب الذى خاض الرحلة بنفسه فكتب عنها ، إلا أن غياب العنصر الانسانى سيجعل من قصص الرحلات مجرد حصة جغرافيا لا تعنى سوى بالمكان، وفليسار يبدو متمرسا بكتابة هذا النوع من القصص ، غير أنه أعطى الإنسان القدر الأكبر من اهتمامه على حساب المكان ، بحيث شدنا بقوة الى أعماق النفس البشرية وجعلنا لا نهتم كثيرا بالمكان الذى لم يهتم به كثيرا هو الآخر إلا فيما ندر.. وهذا لايحسب له أو عليه فلكل كاتب معادلته الخاصة في المعالجة الفنية.

أما د.عبد البارى خطاب فقد قدم قراءة مغايرة للمجموعة من خلال مداخلته التي أشار فيها إلى أن الكاتب يداعب ويدغدغ الذات الأوروبية المتعالية على جميع خلق الله، صحيح أنه لم يصرح، لكنه المحذوف السردى في أغلب الحكايات، وكذلك ضعف الحبكة الدرامية خاصة في المشاهد الجنسية التي أخذت مساحة كبيرة من حكايات التجوال، وفي أغلب الأحوال مشاهد مفتعلة.
لكن الأديبة هناء عبد الهادى تحدثت عن المجموعة بحماس عن مجموعة حكايات التجوال مشيرة إلى أن الخط العام للمجموعة القصصية هو ثالوث موضوع لدي فليسار وهو السفر والناس والأماكن وقصص الكاتب حولها وتنوعها وعلي العموم وصف الكاتب لوسائل الانتقال والمواصلات مع اختلاف الدول نقل لنا حضارة كل دولة ببساطة ويسر حتي أني شعرت بألم عظامه وضجرت من صفارة القطار ورأيت السفينة والأمواج العالية ووحشة البحر كل هذا من خلال السرد.

وردا على سؤال من الأديب رمزى بهى الدين حول رأى فليسار في إطلاق إسرائيل النار على أسطول الحرية الذى يحمل مساعدات للفلسطينين الذين تحاصرهم إسرائيل في غزة. أكد فليسار رفضه التام لما يحدث مؤكدا أن إسرائيل كيان إرهابى تدعمه أمريكا بصمتها الدائم وأوروبا بمواقفها الضعيفة. وأكد على أن ما تقدمه الهيئات الدولية والأوروبية من مساعدات للدول الفقيرة بغرض معلن هو رفع مستواها لكن الحقيقة أنهم لا يقدمون مساعدات مفيدة تغير من حياة الناس بالفعل، ولكن فقط يفعلون ذلك لإرضاء أنفسهم وإعطاء أنفسهم شعورا بأنهم أدوا ما عليهم من واجبات، وهذا ما عبرت عنه في العديد من أعمالى.

وقد صرح الأديب منير عتيبة المشرف على المختبر أن مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية استضاف إيفالد فليسار في احتفالية ثقافية تقدمه إلى المثقفين المصريين وتقدمهم إليه، وتقيم بين الأدبين العربى والسلوفينى جسرا من التواصل نرجو أن يمتد ويقوى، وقدم الشكر للدكتور أسامة القفاش الذى ترجم أعمال فليسار وغيره من أدباء سلوفينيا إلى اللغة العربية، والذى قام أيضا بمهمة الترجمة الفورية في الندوة.







الأديب السلوفيني ايفالد فاليسار


























الدكتور أسامة القفاش الذي أخذ على عاتقه تعريف القارئ العربي بالأدب السلوفيني عامة وأدب فاليسار خاصة , عن طريق الترجمةالى العربية
وكل من حضر اللقاء لاحظ علاقة الصداقة الواضحة بين فاليسار والقفاش

































تحية للأديب الشاب منير عتيبة المشرف على المختبر والذي تحمس لهذا اللقاء .





















الدكتور أبو الحسن سلام أستاذ المسرح بجامعة الاسكندرية تناول ببساطة شديدة مسرحية فاليسار " أنتيجوني الآن " وان مزج في ذلك الحدث المسرح اليوناني بمسرحية فاليسار بهموم الانسان المعاصر في عصر العولمة .





جانب من حضور الندوة , ويظهر منهم : الأدباء أحمد حميدة , سراج الدين الصاوي , عبد الباري خطاب .

استعرض فاليسار كثير من الصور التي تتناول أبطال مسرحياته , من مختلف انحاء العالم , والأحداث التي دارت حول كل صورة وايضا الكثير من نواحي حياته .