بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 8 مايو 2010

20 ابريل2010م

أربعة مبدعين وناقدة بمختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية

فى محاولة لتقديم أصوات نقدية جادة وواعدة نظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية يوم الثلاثاء 20 إبريل الساعة السابعة مساءً ندوة بعنوان "أربعة مبدعين وناقدة" حيث ناقشت الأديبة والناقدة الشابة إيمان السباعى أربع قصص لمبدعين من أجيال مختلفة، وهى قصص "مدينة" لمحمد أبو عوف، "دولاب زجاجي" لمحمد عطية محمود، "الغائب" لمنى عارف، "كيـس فـارغ" ليحيى فضل سليم. وقد صرح الأديب منير عتيبة مدير المختبر أن هذه الندوة كانت تدشينا لميلاد ناقدة جيدة ستكون إضافة حقيقية للحركة النقدية السكندرية.
********************
مدينة

قصة: محمد أبو عوف

استيقظ ليذهب إلي عمله وعندما نزل الشارع وألقي التحية علي من يقابله من الجيران والأصدقاء كعادته, اندهش حينما وجد الناس ملامحهم قد اختفت. فقط وجه مطموس, لا أحد يتكلم, يهيمون في الشوارع, كأنهم يسيرون بلا هدف, أو منومون مغناطيسيا.
وصل لعمله لكنه وجد زملاءه بلا ملامح أيضا ..هنا أحس بالظلام من حوله وأنه وحيد معزول عن العالم.
انتهي من تدخين علبتين _علي الأقل_ من السجائر , رفع رأسه لزملائه وقلبه يرتجف فهو عندما رآهم لم ينظر إليهم ثانية فقط أسند رأسه بين كفيه,وأخذ يدخّن ,نظر لهم مرة ثانية...لم يتغيروا
قام مسرعا وانصرف, جري في الشارع كمّن يحاول الوصول لنهاية الأرض أو ينطلق في الفضاء هروبا من هذا الكابوس.
وصل لمنزله, غلّق الباب وجلس يفكّر ماذا يفعل؟......
حبس نفسه في المنزل مدة طويلة إلا أنه وهو ينظر في المرآة
لم يجد ملامحه بل وجد الوجه المطموس
يومها فقط قرر أن ينزل لعمله من جديد.


قراءة في قصة مدينة لمحمد ابو عوف للناقدة/إيمان السباعى

قد تنتمي قصة مدينة إلى ما يسمى بالقصة القصيرة جداً أو الأقصوصة لذا يأتي أهمية عنوانها"مدينة" حيث جاءت مفردة نكرة كأنها تعني"أية مدينةأو كل مدينة" جعلت من الإنسان ترساً آلياً دائراً لصالح قوانينها وضد إنسانيته.
تبدأ القصة ب"هو" وقد استيقظ ليذهب إلى عمله فوجد الناس في الشارع تحولوا الى وجوه بلا ملامح "وجه مطموس"..هكذا يخبرنا الراوي بلغة تقريرية خبرية هذا الحدث الغريب رغم عدم منطيقته!ويستمر في الأتكاء على هذا الحدث فزملاؤه في العمل أيضا قد طمست وجوههم وينتهي به الأمر إلى النظر في مرآته ليجد وجهه أيضا بلا ملامح فيقرر الإندماج مع الناس بعد أن كان قد اعتزلهم..
*************
الغائب

قصة: منى عارف

دقات على الباب اهتز لها كيانى ... نادتنى من شبه الغفوة , لعله يكون هو!!.. تتسابق أقدامى للوصول إلى عتبة الدار.. لثوانى توقف العقل عن التمييز بين الحاضر والماضى ، اختلطت المسميات..أرى خيالك للحظة وجلة يتعثر...يتبخر.. أحاول أن أنصت لأمل سرعان ما ينحسر أتمعن فى الصمت ...
مررت بالقرب من حجرتك المهجورة ولم أستطع هذه المرة ألا أتوقف.. همست لنفسى باسمك فتجلجل فى صدى المكان ، لحظة تسارعت خفقات قلبى ارتعشت أقدامى وأنا أتحسس بندول الساعة.. توقف عن الحركة.. أُشعل المصباح العنيد أُريد أن أُحرك ذلك الهدوء الثقيل... أيها القادم بلا خطوات الواقف خلف الأسوار والبيت تتلصص.. صرت تؤرقنى فى الليل وعند أطراف النهار.. صرت أخاف من قبضة الباب التى تُدار لوحدها ..من رنة الهاتف ..ومن توزيع الأسماء على المقاعد الفارغة.. ومن الخطابات التى ما عادت تأتى أو قَلما من الغيمة المقبلة من البرق والرعد ..من خطوات حفيفة تفاجئنى مثل اليوم لا تترك إلا توترا يصاحبنى.. وجعلنى أُدير ظهرى لأيام ليس لى بها ظهيرة ..فى كل ليلة أترك المصابيح فى باقى الغرف مضاءة لعلك تهتدى مرة إلى مكانى الأثير..
صرت كل ليلة أنتظرك تحدثنى عن ما صار معك فى تلك الأسفار البعيدة.. عن تلك الصحارى الشاسعة ورمال بيضاء ساخنة وقمر يملأ السماء فيها النجوم معلقة كتلك المصابيح.. وأنا كعادتى لا زلت طفلة يشتعل قلبها بالحكايات البعيدة أسدلت على نوافذ ضحكاتى البريئة الستار.. ولكم تمنيت أن أرحل معك يوما إلى آخر الأرض.. دوما إلى تلك البيوت الصغيرة.. وتترجل من صفحات التاريخ عناوين الأبطال , أُريد أن أجلس معك تحت شجرة المسافرين.. أُريد أن أتجول فى تلك االمساحات الرحبة.. وأرحل خلف الوديان والتلال..أُصغى لتلك المقاطع التى ترددها الريح.. أتامل وجه التحول.. أتامل خسوف الشمس فى ذلك السكون العجيب تتراقص أضواء خافتة فوق حائط الذكريات.. تتمايل الصور، تلك كانت فى دمشق عند مدخل السوق الحلبى تهفهف حولك رائحة المسك.. تقف تحت ذاكرة الفوانيس العتيقة.. تعلمت منك التحليق والتدقيق فى كل التفاصيل.. فى ألوان قوس القزح..فى سجاد الكشمير، وتلك كانت فى بغداد تقف مع الأحرار والثوار وخلفك مذياع يصدح منه صوت فيروز:
الله معاك يا هوانا يم فارقنا ....
وتلك كانت فى عمان أحضرت لى عُقداً من اللوجين والكهرمان يبدد ضيه وحشة الحنين.. وجوه تمر بينى وبينك ..اللذان يبدوان على هامش الصورة يغتنمان الفرصة للسخرية والتهكم.. أتحرك قليلا نحوك وأتمهل.. وكلما حاولت كنت أخفق.. آمال وأحلام كأن السماء بلا حافة وكأنك ماض إلى ما لانهاية.. تكمل فصلا نهائيا تنتظره.. وقلت إننا سنعيش إن شئت أسطورة من الأساطير.. أى مستقبل أنتظر وأى زائر هذا لا يقيم، أهدانى مفاتيح الرحيل؟! كلما دعاك هاتف تُلبى.. سأهبط إلى الوادى الجديد.. وأرسم حدود الأودية الهائمة سابحاً فى كثبانها مصغياً لعزف ناى بعيد.. وهناك فى واحة الغروب تنفجر الينابيع تحت قدميك وتلوح لى بيديك، وها هى تتمايل خضرة مطلة من شرفة عالية مشهد تفاصيله لا تغيب ...
الضوء يتململ هو أيضاً فوق الجدران تاركاً إياي أتأمل الراحلين والعابرين.. أخال خطواتهم .الأزمنة جاءت لتتنزه ثانية فى دهاليز رأسى تاركة إياى حائرة ما بين صور غائمة وصور مشرقة وصورة أثيرة.. وواحدة ممعنة فى الغياب.


قراءة في قصة الغائب لمنى عارف للناقدة/إيمان السباعى

إن عدم وجود حدث ما تدور حوله القصة من أبرز سمات الكتابة القصصية الحداثية، وربما كانت تلك أهم ما يميز قصة الغائب لمنى عارف.
فالقصة تبدأ ب:" دقات على الباب اهتز لها كيانى ... نادتنى من شبه الغفوة , لعله يكون هو!!.." بداية تجعلنا نعيش مع السارد هذا الترقب والإنتظار وننتظر"هذا الحدث الجلل" الذي سيتبع تلك الدقات فيهتز كياننا معه ونتساءل من يكون هذا الطارق..لكن الدقات تنتهي إلى صمت وخيبة أمل فلا يحدث شيء ..تنتهي دون ان نعلم من"هو" ..تنتهي بعد تلك الرحلة الطويلة التي تأخذنا إليها ال"أنا" الساردة التي تم تغييبها"فلانعلم من هي ولا نعلم عنها شيئاً"ويأتي غيابها لصالح هذا الغائب ليمنحه حضوراً كثيفاً يظهر أحياناً كخيال طائف"أرى خيالك لحظة وجلة يتعثرأو حتى كشبح يخرج من الذاكرة ليظل حياً نشعر به يحيط بالمكان:" أيها القادم بلا خطوات الواقف خلف الأسوار والبيت تتلصص.. صرت تؤرقنى فى الليل وعند أطراف النهار.. صرت أخاف من قبضة الباب التى تُدار لوحدها ..من رنة الهاتف .."
نحن لا نعلم حتى نهاية القصة العلاقة بين تلك المرأة وهذا الغائب فهي علاقة حميمة قوية تجعله حاضراً في ذاكرتها وواقعها يلحقها حتى ليصبح حضورا حياً لا تستطيع الفكاك منه وبرغم الإشارة إلى أنهما تقاسما المكان ذات يوم"البيت" وذلك واضحا في" مررت بالقرب من حجرتك المهجورة ولم أستطع هذه المرة ألا أتوقف" إلا أننا لا نستطيع التأكد هل هو الزوج أو الأب أو الأخ أو ربما شخص آخر..
الساردة أيضاً لم تفصح عن سبب الغياب هل هو السفر أم الموت أم انتهاء هذه العلاقة بانفصال ما..!
تلك الحالة الغير يقينة والتي تجعل القاريء يسرف في وضح الاحتمالات والتأويلات يصاحبها حالة من التوتر على امتداد السرد ..فال"أنا" لا تستطيع التمييز بين مكان أو زمان"
".. لثوانى توقف العقل عن التمييز بين الحاضر والماضى ، اختلطت المسميات..أرى خيالك للحظة وجلة يتعثر...يتبخر.. "
هذا التوتر يتضح في جمل متتابعة قصيرة يتم فيها التنقل من خطاب لآخر ومن زمن لآخر دون منطقية..فالساردة تروي لنا ذكرياتها مع هذا الغائب في الماضي حتى نشعر أنها تنتقل اليه وتنقلنا معها لنننسى هذا الغياب ..نطل على رجلها الغائب والذي تعطينا بعض ملامحه ..هو شخصية شعرية أسطورية إن جاز التعبير وكأنها اختلقتها لا عايشتها فهو الحالم والثوري كثير الأسفار ..من سوريا الى الأردن إلى الوادي الجديد إلى بلدان وبيوت ومساحات بعيدة شخصية تخرج من الروايات وكتب التاريخ..تقول.." ولكم تمنيت أن أرحل معك يوما إلى آخر الأرض.. دوما إلى تلك البيوت الصغيرة.. وتترجل من صفحات التاريخ عناوين الأبطال .."
تخرجنا بغتة من هذا الحلم ومن رحابة الأمكنة ومغامرة السفر إلى ضيق الواقع ..إلى البيت غرفته المهجورة وخطواته ولمساته التي تحاصرها ..فتتوجه اليه في خطاب مناجاتي :
"... أيها القادم بلا خطوات الواقف خلف الأسوار والبيت تتلصص.. صرت تؤرقنى فى الليل وعند أطراف النهار.. صرت أخاف من قبضة الباب التى تُدار لوحدها ..من رنة الهاتف ..ومن توزيع الأسماء على المقاعد الفارغة.. ومن الخطابات التى ما عادت تأتى أو قَلما من الغيمة المقبلة من البرق والرعد ..من خطوات حفيفة تفاجئنى مثل اليوم لا تترك إلا توترا يصاحبنى.. وجعلنى أُدير ظهرى لأيام ليس لى بها ظهيرة ..فى كل ليلة أترك المصابيح فى باقى الغرف مضاءة لعلك تهتدى مرة إلى مكانى الأثير.."
تخرجنا من الزمن الماضي إلى الحاضر المؤلم وإلى استشراف مستقبل لا ترغبه إلا لتلتقيه فيه"أي مستقبل أنتظر وأي زائر هذا لا يقيم أهداني مفاتيح الرحيل..كلما دعاك هاتف تلبي..سأهبط الى الوادي الجديد.. وهناك فى واحة الغروب تنفجر الينابيع تحت قدميك وتلوح
لي بيديك.."
كل هذا في لغة شاعرية موحية وكأنها قصيدة تحتشد فيها الصور ويستخدم فيها النداء على هذا البعيد ونستمع إلى صوت أغنية حزينة عن الفراق لفيروز لتتكامل قصيدة المناجاة تلك.
أما الدهشة الحقيقية ..فهي نهاية القصة ..التي تجعلنا أما مشهد تلك المرأة وهي تتأمل صور الغائبين والعابرين على الجدران..امرأة وحيدة مع صور قديمة تستعيد فيها الغائبين وكأن هذا الغائب ليس شخصاً بعينه بل هو زمن ممتد من ماض لا ينتهي ..!




(مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية 20 ابريل2010م)
******************
كيـس فـارغ
قصة: يحيى فضل سليم

عندما أغمض عيني يكون عندى إصبع مقطوعاً, غالباً ما يكون السبابة, لكنى أستطيع أن أشير إليه من خلال صمت طويل, أكون خلاله شاخص العينين, فاغر الفم, باحث فى ـ وهن ـ عن مكان ضئيل فى آخر الصف من الطابور الطويل.
فى الصباح كان آخر الطابور يسد بيتى,عدت مسرعاً, أغلقت الباب بالترباس والمفتاح, وخرجت من الشباك قاصداً المقهى.
فقط سأسأله ـ لو ترك العصا من يده:
ـ كيف أقلدها؟!
لم أرها وهى تعجن أمامى, لكنى أستطيع أن أقلد العازب, أنام على بطنى المنتفخ المتحجر كحمل كاذب, وأعير زوجتى أذنى الصماء, وهى تلكزنى فى كتفى: أتعدل يا راجل.
تعودت على ذلك, فهمت كما يحدث لى فى مرات قليلة, دون أن أعلم من الأخرس " ماسح الأحذية ", لما ترك مكانه أمام المقهى, وذهب إلى هناك دون أن يزيل الأصباغ من يديه, ولم يعد عنده وقت لجذب قدمى وأخذ حذائى عنوة ليلمعه, سواء دفعت له أو أخرجت له أمعاء (بنطالى)
لم يكترث بحركة شفتى وهو يهم بالرحيل, ولم يعبأ بى حين تبعته؛ فقد تورمت قدماى ولم أستطع إدخالهما فى الحذاء؛ فحملته فى كيس أسود, ونذرت فى نفسى:
"لو حصلت على رغيف سأهب الحذاء لأول حافى يقابلنى, أخفى الرغيف فى الكيس الأسود, وأدخل بيتى كما خرجت من الشباك".
سأفعل ذلك عن رضا رغم سخونة الأسفلت التى حمصت باطن قدمى, والحصى الذى أجاهد لتفادى التعثر به.
فخر بطعم الأسى سأشعر به, ستفرح زوجتى كثيراً, تستحضر نظرات الإعجاب التى خلت من عينيها منذ زمن, تمنحنى نظرة طويلة حانية, أنتشى لها, أدور حولها نافشاً ريشى, أعيد وأزيد فى الإثارة مع كل مرة أروى فيها, كيف استطعت أن أحصل على العيش؟!
لن تلاحظ زوجتى الهيئة التى سأكون عليها, ولن يشغلها قدماى الحافيتان.
بالأمس فشلت زوجتى فى العثور على كسرة خبز لتقسم عليها "والنعمة دى كنت فى طابور العيش"
جريت والتصقت بالحائط, تتمسح بالقطة, لم أدر السبب الحقيقى لغضبى, أهو تأخيرها, رجوعها دون رغيف واحد, أم عدم تنفيذها لأوامرى بطرد القطة.
"غداً لن تنام فى البيت" هذا ما حدثتنى به نفسى, وأنا فى الطريق إلى هناك: "ستبيت أمام الفرن, لتكون أول من يحصل على خبز".
تلفت حولى ماسحاً عرقى بمنديل ورقى, صار كالعجينة السوداء, جلست أبططه وأطرحه على الإسفلت الحارق, انتفخ الوجه الكالح وطلب اللجوء إلى عيش الأرصفة.
قمت أبحث عن الأخرس, سأراوده عن عدة أرغفة, أزيد له فى الثمن, لن يردنى خائبا, أنا متأكد من ذلك, كتأكدى من توافر الطوابير.
شققت طريقا صعبا إلى منتصف صف من عدة طوابير كثيرة متلاحمة ومتشابكة, قائلاً لكل من يحاول منعى: دروى قدام الأخرس.
ربت بيدى على كتفه, فلم يلتفت, ابتلعت مرارة ابتسامة مترددة, فشلت فى منحها إياه, غمزت له بعينى, فوجئت به شخصاً آخر لا أعرفه, دفعنى بقوة فى صدرى, تحفزت الأيادى للفتك بى, رفعت يدى مستسلماً, مؤثراً الانسحاب فى هدوء, لكنى وجدت نفسى مطروحا خلف الصفوف.
هممت بالرجوع, منعنى أحدهم, كان بلا أذنين ولا عينين ولا فم, قاومته, تلاشت رأسه, تحول جسده إلى يدين ضخمتين أمسكت بى, دفعتنى من ظهرى بقوة إلى الحشود المتحاربة, أرسلت ضرباتى إلى كل صوب, تلقيت ضربات من كل اتجاه, بوغت بلكمة قوية طرحتنى أرضا, تلقيتها من الأخرس, عندما أردت أن أحتمى به.
وخلال هدنة قصيرة لالتقاط الأنفاس, شاركت الشمس خلالها فى جلدنا بسياطها الملتهبة, كان البعض ملقى على الأرض, البعض الآخر يترنح, الأخرس تخضبت يداه بالدماء, لم أعرف بجانب من أرتكن فكلهم كانوا اعدائي.


غرائبية الواقع..قراءة في قصة يحيى فضل سليم للناقدة/إيمان السباعى


عندما أغمض عيني يكون عندى إصبع مقطوع, غالباً ما يكون السبابة, لكنى أستطيع أن أشير إليه من خلال صمت طويل, أكون خلاله شاخص العينين, فاغر الفم, باحث فى ـ وهن ـ عن مكان ضئيل فى آخر الصف من الطابور الطويل
بهذه الجملة الإفتتاحية الطويلة يضعنا القاص يحيى فضل سليم أمام مشهد ذلك الرجل في الطابور الطويل..افتتاحية تأتي أهميتها في كونها تحمل السمات الرئيسة التي سنلتقيها على امتداد السرد: المفارقة اللغوية والدلالية"كما في فعل الإشارة والسبابة المقطوع"،والموقف الوجودي من خلال استخدام ضمير المتكلم وفعل الكينونة.
وتأتي أهميتها أيضا في إلقاء الضوء على المكان والزمان والشخصية والحدث الرئيس في قصة كيس فارغ..
فالمكان:هو طابور العيش الذي نشعر بطوله باستخدام الوصف المباشر"في آخر الصف من الطابور الطويل"أو" في الصباح كان آخر الطابور يسد بيتي"
أما الزمن..زمن الحكاية ..فنشعر به وكأنه بلا نهاية كهذا الطابور..زمن تعاقبي يأتي ذكره ملازماً للحديث عن طابور العيش:
في الصباح..كان آخر الطابور يسد بيتي..
ستبيت أمام الفرن لتكون أول من يبحث عن الخبز..
أما زمن السرد..فتنوع استخدام الأفعال الدالة على الماض والمستقبل ونادراً ما تم استخدام الحاضر ولكن كل ذلك بلا دلالة حقيقية!
فالمستقبل لا يرد ذكره إلا عند الحديث عما يدور في ذهن ال أنا/الشخصية مما يشكك في حدوث ذلك بالفعل.:
"غداً لن تنام في البيت..هذا ما حدثتني به نفسي.." مع اقتران ذلك باستخدام فعل الأمر كنوع من الدلالة على القهر الذي تعانيه تلك الشخصية طول القصة..
إن الانفصال الحادث والذي يؤدي بالسارد إلى الخطاب مع النفس وكأنها شخص آخر وعرض ما يمر في ذهن الشخصية من إحدى سمات كتابة تيار الوعي لكن يحيى فضل سليم استخدمها هنا بغرائبية حيث لم تأت كتداعٍ حر وكأن هذا "الرقيب" الذي يمسك بالعصا ويأمره بتقليد عجين الفلاحة يمنع حدوث ذلك..لذا يأتي مع تلك التقنية دائما جملة اعتراضية تسبقها أو تعترض السرد:
هذا ما حدثتني به نفسي"،"ونذرت في نفسي":فقط سأسله ان ترك العصا من يده..
أما الشخصية في كيس فارغ فتم رسمها واختيارها بغرائبية أيضا.فالسارد لا اسم له ولا ملامح ولا نعرف عنه سوى أنه يريد الحصول على العيش! وكذلك ماسح الأحذية الأخرس الذي يتحول إلى ما يشبه وحش أو كائن غير آدمي..!
ورغم استخدام ضمير المتكلم على امتداد السرد يتم تغييب أو تهميش الأنا وفقدانها لأية هوية ذاتية فالتركيز هنا ليس على الذات بل على أزمتها الوجودية في واقع غرائبي..لذا يهتم السارد بتفاصيل الصراع بين الرجل وزوجته والصراع بين البشر الغير بشريين إن جاز التعبير في طابور العيش كل ذلك باستخدام السخرية غير المباشرة وتلك من سمات الكتابة في تلك القصة والتي تذكرنا باجواء قصص يوسف إدريس..فالسارد المسحوق بفعل هذا الواقع يسخر منه :
"لو حصلت على رغيف سأهب الحذاء لأول حافى يقابلنى, أخفى الرغيف فى الكيس الأسود, وأدخل بيتى كما خرجت من الشباك".
" فخر بطعم الأسى سأشعر به, ستفرح زوجتى كثيراً, تستحضر نظرات الإعجاب التى خلت من عينيها منذ زمن, تمنحنى نظرة طويلة حانية, أنتشى لها, أدور حولها نافشاً ريشى, أعيد وأزيد فى الإثارة مع كل مرة أروى فيها, كيف استطعت أن أحصل على العيش؟!
فأي واقع هذا يجعل هذا الرجل يخرج من بيته من الشباك لأن باب بيته مغلق على الدوام بطابور طويل..أي واقع يصبح فيه رغيف خبز أمنية مستحيلة تجعله يحمل على الدوام كيس فارغ يتمنى ان يملأه بالخبز أي واقع يجعل من هذا الرجل بطلا في عين زوجته وتحدث بينهما إثارة عاطفية وجنسية يتضح من السرد أنها لم تحدث منذ زمن طويل لأنه استطاع الحصول على الخبز!كل هذا نمر به لنصل في النهاية إلى المشهد الأكثر غرابة وكابوسية مشهد الصراع في طابور العيش ..أيادي تتحفز للفتك بالرجل..ماسح الأحذية يتحول الى قاتل..حرب دامية بالغة القسوة عبر عنها السارد بلغة قاسية أيضا وجعل كل شيء يشارك في تلك الجريمة الوحشية حتى الطبيعة:" شاركت الشمس خلالها فى جلدنا بسياطها الملتهبة, كان البعض ملقى على الأرض, البعض الآخر يترنح, الأخرس تخضبت يداه بالدماء, "!
إن "كيس فارغ" ليست قصة تحمل حادثة واقعية أو خيالية..لقد تجاوزت هذا إلى كونها قصة استطاعت أن تختزل واقعا وصراعا طبقيا واجتماعيا ..جعل الجميع هذا "الأخرس" أو هذا الرجل بلا فم ولا أذنين ولا عينين مجتمع فقد التواصل بين أفراده ..مجتمع الحفاة الذين ظل الرجل وجود الكثير منهم لذا سيتبرع بحذائه لواحد منهم إن استطاع الحصول على العيش..ومجتمع الجوعى الذي عاد بالإنسان بعد حضارته إلى بدائية كل طموحها الحصول على رغيف خبز يبقيها على قيد حياة عبثية بلا معنى:" , لم أعرف بجانب من أرتكن فكلهم كانوا أعدائي"


(مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية 20 ابريل2010م)
دولاب زجاجي
قصة: محمد عطية محمود
دولابك الزجاجي متصدر الصالة، ما زال يحتضن أطقمك المذهبة.. أكوابك الكريستال.. لعبي الخزفية، والمطاطية برائحة غربة أبي البعيدة، وإقامته القليلة قبل ترحاله الأخير..علب المواليد التذكارية، وصورتنا سويا القادمة من أغوار طفولتي الغضة وشبابك العفي الصلب.. وما تبقى من صور راحليك، وعبق بخورك الجاوي الذي كان يمتطي صهوة أجواء البيت المشبع برائحتك، بأنفاسك، بتحومات روحك في أركانه.. تطل بعينيك الصاحيتين، على عيون جهيرة، ووجوه متشابهة كالحة، لا يعييها حس ولا شعور.. تحاول إزاحة ستائرك الموشاة المفرودة على الحوائط.. تهتك ستر المسكوت عنه في قلوبهن، وما توميء إليه نظراتهن، وما تنبس به شفاههن الغليظة، وما تلفظه ألسنتهن من حمم، تستبيح به قدسا من أقداس الصمت الذي كان يوما، وأنت الآن .........
يوغل الأمس في قاع شعوري بشفرته البليدة.. أتوحد فيه بما تبقى من جدار قديم ينشع بقساوة صقيع جاف، قارس، في صباح ربيع ظالم اقتلع بخماسينه صحوي، وأقضَّ مضجعي.. أواجه فيه منفاك القسري تفصلني عن جسدك بحر الطريق، والأسوار العالية، والأبواب المغلقة، والأبيض الناشع بالصفرة المقيتة، خلف سواتر بيضاء كالحة، واقتلاعات النفس المشحونة بالشجن، وأوهام الحيرة، وهواجس الألم، وأشباح الفقد....
أدلف منه إلى أمس سحيق لكنه منطبع في الذاكرة بقاع طفولتي المبتسرة كظل وحيد لشجرة بفرعين أحدهما مبحر في غربته، سادر في معانقة أهوال البحر، وأنتِ الأخرى المبحرة في هموم مَنْ حولِك.. تحملين على كتفك همومهم وهمومهن، وعلى الآخر هم رعايتي ووجودي، كثمرة وحيدة نبتت في أرض قاربت على الإعجاف!!
منذ رأيتُ النور، لم ينقطع الحبل السري الذي كان يربطني بك، والتحمت أنفاسي بأنفاسك وحيدين في ليل يطول بلا راعينا.. لكنه كان هنا وهناك يقاوم الأمواج والأعاصير ليأتي إلينا كوجه عزيز، وعاطفة جياشة بالحنين، ونفس طاغ يشيع طغيان روحه القوية في نفسينا، وفي جغرافيا المكان الذي كان يتعطر بعطره من قبل قدومه، كبشير لاقتراب العود الحميد الخاطف، محملا برائحة البلاد البعيدة وخير شقائه الوفير، ثم يغادر كإعصار مفارق، يُهدِر بقايا فورته في سفر جديد وفراق جديد متواصل؛ لنعود.. نتوحد سويا بأنفاسنا وجسدي الصغير الملتحم بجسدك الوفير الذي يستعيدني ثانيا في رحمه في كل ليل طويل، ومتاهات عديدة تتجاذبني .. تشدني، وندوب قد تحدثها الأيام في وجهي، وفي نفسي حين يؤلمها الالتصاق الشديد بالفرع اللين، الشديد في حكمه برغم فيضان حسه، كما يؤلمها الابتعاد عن الجذر الصلب المغادر دوما بلا قرار، وأنا الشارد في شغبي الطفولي المقموع على أعتاب الوعد والوعيد...
تطل عليهن عيناك المبتهلتان، ومسبحتك المدلاة من علٍ، وهمهمات تسبيحك، ونظرتك المضيئة التي لم يطفئها ذهاب نور إحدى عينيك؛ وما يزال شالك المعطر بأريج تسبيحك ينتظرك معلقا على مشجب يلوح من طرف ضيق من باب حجرتك الفارغة منك ، الموارب؛ فتجحظ العيون بيضاء بلا ملامح ولا ألوان.. تتقلب على أسطح وجوهها البليدة.. تعيث في فراغ الصالة.. تصطدم بالنجفة المعلقة في وسطها باهتة الضوء، مقهورة إشعاعاتها، وتميل على الإطار الكبير الذي يحوي صورتك البهية مع صاحب ملامحي الأكبر، مطفأة الأركان...
تفجئني نهايات عقدي الثاني.. تزلزلني.. تقمع أحلامي.. تفرض علينا التوحد قسرا سويا مع سبق الإصرار والترصد.. تقر حقيقة جديدة لا مفر منها.. تثبت خيمة الفراق أوتادها على أرضنا العنيدة.. نصير صنوين في إحساس الفقد المرير؛ فرجل الارتحالات الطويلة والإطلالات المشعة، قد فارق مرفأه بلا عودة، مخلفا مجدافيه مكسورين على أرض أحلامي ووجودك؛ ليغزو الحزن ملامحك الريانة، ولأشعر بوحدة لم أشعر بها من قبل، رغم حنان احتوائك؛ ولنتصادم كأنما نتعارف للتو.. شيء ما في خريطة شعوري اختلف، تبدل اغترابا ناقعا لم تعهده نفسي، لكن حنانك وحرصك كانا طوق نجاة جديد مر بي عبر قنطرة من قناطر العمر نحو كيان جديد، وإطار جديد يتوحد فيه فرعا الشجرة الكبيرة لينبسط ظلك الوارف منفردا على امتداد أيامي، وتنفرد فيه صورتنا الجديدة سويا معلقة على جدار الأيام والذاكرة...
تزداد حدة النظرات وجحوظ العيون في محاجرها.. يقتلها الانتظار البغيض.. تتخبط.. تعاود الألسنة ـ بعدما هدأت قليلا ـ لوك ما تبقى من فتات الجسد الذي يتهيأ للمراسيم النهائية للغياب.. ثم تعود للهدوء المباغت.. تركض المشاعر المقموعة على الوجوه.. تعود للتخفي تحت غلالات الانحناء والتدبر المقيت، وفرك الأصابع، وتكتيف الأذرع، وضمها إلى الصدور والبطون، وتعصيب الأدمغة بالأكف، ومراوحة النظرات عبر زجاج الدولاب، وخلف الستائر التي تحجب ممرات البيت الذي كان مرتعا لعيونهن وأرجلهن وأفواههن الناهضة بالتفحص ومحاولات استجلاب الخبيء، ونحو باب البيت الذي مازال مفتوحا ينتظر الوجوه القادمة والأنباء، و........
يتعرش ظلك.. يمتد.. يتعملق.. يحتويني.. يضمني.. يشيع فيَّ الرغبة في الامتداد والتبرعم واجتلاب المزيد من الثمار اليانعة المؤنسة؛ فتتبرعم زهوري الجديدة بين أنامل حنانك، ومتكأ وجودك، السند والظهر المنتصب؛ فبالرغم من التطواف والترحال وركوب أهوال تحصيل الرزق، كنتِ هذا السند الوحيد والظل الظليل الذي كانت ترتاح إليه جوانحي وآلام جسدي وعطب أيامي، والحِجر الذي يرتاح إليه رأسي المفعم بما يؤرقه، وتنام عليه فلذات كبدي وأغلى أشياء وجودك.. لكن الشبح الهلامي يبسط وجوده على خارطة أيامك.. تمر مضنية.. عصيبة.. يتألم فيها الحبل السري الممدود بين ذاتي وذاتك.. يتزلزل الكيان.. يتخلي الجسد عن بنيانه الفاره.. وتأتي الإنذارات الملحة، لكن القلب يتعلق بالأوتار المرتخية، ويستبعد الخطر المحيق، وينحي الوصية المضنية، الملحة، جانبا:
" يسترك الله ويحفظك .. لا تطلع أحداً على عورتي"
يهتز فضاء الصالة والبيت بعويل صارخ ممزق لارتعاشات الكلام على الشفاه المبللة بدم الكلمات الجارحة.. يهتز معه زجاج الدولاب، وإطار الصورة، وتمتط الرقاب.. يقفز من المحاجر خليط العجب والدهشة، وتصنُع الألم الممض، ومصمصة الشفاه الفارغة، ومضغ الأضراس على خوائها، وأحاسيس تتضارب على الوجوه الجامدة.. تتعلق بأهداب الحيرة، ورغبات المغادرة، ومحاولات الأعين اختراق زجاج الدولاب، والأستار التي تحجب بدن مسجي بعيدا خلف أسوار الانتظار...

ذاكرة الموت وحيل السرد.. قراءة في قصة "دولاب زجاجي"لمحمد عطية محمود للناقدة/إيمان السباعى

"دولابك الزجاجي متصدر الصالة.."
هكذا تبدأ القصة ليتصدر (الدولاب الزجاجي) المشهد تأكيدا على أهميته ودلالاته التي تتجاوز كونه مجرد دولاب إلى كونه ذاكرة حية واختزالاً لحياة كاملة تركتها الأم وراءها لموت يمد ظلاله على الأشياء
"دولاب زجاجي (يحتضن) أطقمك الذهبية.."إنهاعلاقة حميمة بين الأم الراحلة وبين دولابها الزجاجي شخّصها الفعل يحتضن ففيه خبأت الأم أطقم"ذهبية"وأكواب"كريستال" ولعب "خزفية"..وكأن كل هذا" البريق" المختبيء عن الأعين هو بريق حياة تلك المرأة وأنوثتها التي فقدتها بفقد الزوج ثم بفقد نور إحدى عينيها كما يخبرنا السرد ثم أخيراً بالموت..في الدولاب أيضا لعب المواليد التذكارية وصور العائلة وصور الراحلين المستورة عن الأعين الفضولية بل يأتي الدولاب الزجاجي معادلا للأم الراحلة في نهاية القصة" ومحاولات الأعين اختراق زجاج الدولاب، والأستار التي تحجب بدن مسجي بعيدا خلف أسوار الانتظار..."
بوعي يتجنب محمد عطية استخدام ضمير الغائب ليراوح السرد بين ضميري المخاطب "أنتِ"والمتكلم"أنا" وهي حيلة سردية يعبر بها السارد عن رفضه لهذا الغياب القسريّ بالموت وليتمكن من استحضارالأم إما بتوجيه الخطاب السردي اليها في الزمن الحاضر:"دولابك الزجاجي متصدر الصالة
أو باستحضارها بصورة اخرى من خلال الأنا في خطاب مناجاتي أحيانا وغالبا في استدعاء حر للذاكرة ولأحداث وقعت في الماضي تكون الأم الغائبة محورها وتبين لنا شدة تعلق الابن"الأنا" بأمه:
" نتحد سويا بأنفاسنا وجسدي الصغير الملتحم بجسدك الوفير الذي يستعيدني ثانيا في رحمه في كل ليل طويل،.."هذا التوحد يمتد توحدا معاً في مواجهة الماضي بسفر الأب وفقده وقسوة الحياة وصعوبة تحصيل الرزق ,وتوحده بها في الحاضر في مواجهة الموت والعيون الكالحة لنسوة أتين لينبشن ستر المسكوت عنه..
وقد يصدمنا مشهد النسوة المعزيات الذي يتكرر أو هو المشهد الثابت على مدى السرد بعيونهن الجاحظة"البيضاء بلا ملامح ولا ألوان"وكأنهن موتى رغم حضورهن بينما يتم التأكيد على حضور الأم رغم غيابها عن المشهد"تطل عليهن عيناك المبتهلتان ..مسبحتك المدلاة.." فكأن وجودهم يعادل وجود الموت الذي يهتك ستر الجسد بينما يهتك النسوة غياب الأم بالرغبة في اقتحام أسرارها وحياتها الماضية ممثلة في الدولاب الزجاجي.
أما عن الاسلوب في قصة دولاب زجاجي فبالإضافة للّغة الشاعرية وكثرة استخدام الأفعال الموحية المحملة بدلالات وجدانية وطول الجملة التي تستخدم فيها النعوت بشكل لافت للنظر وكأن النفس في حالة بوح لا تريد له أن ينتهي يأتي استخدام(الوصف) كسمة رئيسية في القصة..فالوصف"أيقونة مزودة بطاقات هائلة من الجمال الأدبي الذي تكون غايته رسم صورة الغائب في صورة الحاضر (في نظرية الرواية بحث في تقنيات السرد"عبد الملك مرتاض). لكن وظيفته هنا تجاوزت ذلك إلى:"الإبطاء في حركة المسار السردي والتعامل مع الأحداث على أنها مشاهد"* كل ذلك أدى بنا إلى الشعور بحركة الزمن بطيئة إلى أن ينعدم شعورنا بها تماماً خاصة عند استخدام ضمير المخاطب في الزمن الحاضر..فحاضر الشخصية/الأم هو الموت الذي لا يتحرك الى الأمام أو الوراء،فلا نشعر سوى بسطوة الماضي من خلال ال"أنا" التي تروي لنا أحداثه.

(مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية 20 ابريل2010م)


ليست هناك تعليقات: