بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 9 أكتوبر 2010

الثلاثاء 5أكتوبر 2010م.





















مختبر السرديات

ملــف

الأديب سعيد سالم
عاصفة أدبية خلاقة


إعداد/ منير عتيبة

5 أكتوبر2010م

سعيد سالم.. عاصفة أدبية خلاقة

عندما قال عنه يوسف إدريس "ابن الإسكندرية الذي دخل المسرح الأدبى دخول العاصفة ، والذي أتوقع أنه سيظل يثير من حوله تلك العواصف الخلاقة" كان يصف ويتنبأ فى الوقت نفسه. فقد استمرت عاصفة سعيد سالم الأدبية منذ السبعينيات (صدرت روايته الأولى جلامبو سنة 1976) حتى الآن، ولم يكتف بالأدب رواية وقصة، بل كتب المسرح والدراما الإذاعية، والسيناريو التليفزيونى، والمقال السياسى والاجتماعى، وفى الفترة الأخيرة النقد الأدبى الذى تغلب عليه ذائقة المبدع عندما يتناول عملا لمبدع آخر. كما استمر سعيد سالم يثير العواصف حوله بما يقدمه فى أعماله من نقد اجتماعى وسياسى، وبما يحصده من جوائز.
أما الجانب الخفى من سعيد سالم فهو علاقته بالأجيال التى تلته من المبدعين، وأشهد ؛ عن تجربة شخصية معه، أنه لم يكن بخيلا بقراءة الأعمال الأولى للكاتب المبتدئ، والتعليق عليها كتابة، والتوجيه، والمساندة بنماذج من أعماله، والمتابعة الدائمة لتطور خطوات الأديب الشاب.
سعيد سالم قيمة أدبية وإنسانية فى حياتنا الثقافية بالإسكندرية. وهذا اللقاء حول أحدث أعماله المثيرة "المقلب"، والذى يجدد فيه فى شكل الرواية من استخدام لرواية أصوات أحدها جماد، واستخدام للسيناريو فى متن العمل الروائى مكملا له وموظفا بعناية، وغيرها، كما يقتحم مشكلاتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية الآنية دون ابتذال القيمة الأدبية التى يجب أن يحملها الأدب دائما؛ هو مجرد تحية وتقدير بسيط من مختبر السرديات لكاتب ذى قيمة وقامة كبيرة.

منير عتيبة- المشرف على مختبر السرديات

سعيد سالم.. سيرة ذاتية
- سعيد محمود سالم
- من مواليد الاسكندرية 1943
- عضو اتحاد كتاب مصر و عضو اتحاد الكتاب العرب و عضو هيئة الفنون و الآداب و عضو أتيليه الفنانين و الكتاب بالاسكندرية و عضو لجنة النصوص الدرامية بالادارة المركزية لاذاعة و تليفزيون الاسكندرية .
- حاصل على ماجيستير الهندسة الكيميائية من جامعة الاسكندرية 1968 .
- رئيس قطاع سابق بشركة الورق الأهلية بالاسكندرية و يعمل حاليا كمهندس استشارى.
- عنوان المنزل : 5 شارع على باشا ذو الفقار – شقة 10 – مصطفى كامل / الاسكندرية .
- تليفون منزل : 5462869 (03) . – محمول 4390259 / 012
الروايات المنشورة ( 14 رواية)
"جلامبو" جماعة أدباء الاسكندرية 1976 – "بوابة مورو" جماعة أدباء الاسكندرية – "عمالقة أكتوبر" هيئة الكتاب ، مصر 1979—"آلهة من طين" (طبعة أولى) هيئة الكتاب ، مصر 1985 / (طبعة ثانية) دار الجليل ، دمشق 1986 – "عاليها أسفلها" (طبعة أولى) مطبوعات وزارة الثقافة ، دمشق/سوريا 1985 – "الشرخ" دار طلاس ، دمشق/سوريا 1988" – "الأزمنة" روايات الهلال 1992 – "عاليها واطيها" (طبعة ثانية) دار المستقبل مصر 1992 – "الفلوس" دار المستقبل ، مصر 1993 – "عاليها أسفلها" (طبعة ثالثة) هيئة الكتاب ، مصر 1995 – "الكيلو 101 الوجه و القناع" طبعة خاصة 1997 و طبعة عن هيئة الكتاب 1999.- "حالة مستعصية" دار الهلال 2002 – " كف مريم" مطبوعات اتحاد الكتاب 2001.-"الشىء الآخر".دار ومطابع المستقبل 2004- الحب والزمن.(نشرت مسلسلة بجريدة الدستور على 13 حلقة)عام 2007.. المقلب-مطبوعات المجلس الأعلى للثقافة(2009)-
المجموعات قصصية :(9 مجموعات)
"قبلة الملكة" مطبوعات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق 1987 – "رجل مختلف" هيئة الكتاب ، مصر 1995 – "الموظفون" مطبوعات اتحاد الكتاب العرب 1991 – "الجائزة" دار قايتباى للطباعة و النشر ، مصر 1994 – "الممنوع و المسموح “ مختارات فصول.مصر 2002.- "أقـــاصيص مـن السـويـــد"الهيئة المصرية العامة للكتاب2005– "قانون الحب"سلسلة الكتاب الفضى.مصر 2006 .مجموعات قصصية تحت النشر :1– رحيـــق الـــروح 2 – هــوى الخمسين.
القصص القصيرة منشورة بالجرائد و المجلات الآتية :
الأهرام – الأخبار – الجمهورية – المساء – أكتوبر – حواء – مايو – الهلال – الثقافة – الكاتب – ابداع – آخر ساعة – روز اليوسف – القصة – عالم القصة – أمواج – الاسكندرية – الأيام – البحث – تشرين – الموقف الأدبى – الثورة – الأسبوع الأدبى – الكتاب العربى – البيان – الأنباء – العربى – الفيصل – المجلة – الحرس الوطنى – الشرق الأوسط – الدستور – الرأى – اليوم السابع – صباح الخير – الناشر – العربى – الكويت .
المسرح : الجبلاية (مسرحية كوميدية من 3 فصول) – الدكتور مخالف (مسرحية كوميدية من 3 فصول) .
نماذج من الدراما الاذاعيةوالتلفزيونية :
حجر النار – العائد – سباق الوهم – بوابة مورو – زارع الأمل – رحلة الصعود و الهبوط – رجال من بحرى – الدكتور مخالف – أحلام الناس الطيبين – عيون الليل – مفتاح السر و غيرها وهى مسلسلات اذاعية شهرية باذاعتى الاسكندرية و القاهرة ، فضلا عن العديد من السهرات الكوميدية وبرنامج عالم القصة..والمسلسل الكوميدى التلفزيونى" عاليها واطيها انتاج " صوت القاهرة 2008 ..والمسلسل التلفزيونى الدرامى"المقلب" ..تحت التنفيذ.
فى النقد الأدبى :
مجموعة مقالات نقدية عن أعمال بعض الكتاب العرب نشرت بمجلات و جرائد مختلفة .
أهم الجوائز :
1- الجائزة الأولى عن رواية "الأزمنة" فى مسابقة احسان عبدالقدوس للرواية 1990 .
2- جائزة الدولة التشجيعية فى القصة لعام 1994 عن مجموعة (الموظفون) الصادرة عام 1991 عن مطبوعات اتحاد العرب بدمشق .
3- جائزة اتحاد كتاب مصر فى الرواية لعام 2001 عن رواية "كف مريم".

رواية "المقلب" وانعكاسات الأوضاع الحالية
بقلم/ د.حامد أبو أحمد
صدرت هذه الرواية لمؤلفها سعيد سالم عن "إبداعات التفرغ" بالمجلس الأعلى للثقافة عام 2009م. وهذا العمل بالإضافة إلى كونه رواية فإنه يقدم للقارئ معلومات فى غاية الأهمية عن عالم يعيش معنا ونعيش معه كل يوم ولكننا لا تعرف ما يدور فيه. والرواية مليئة بالشخصيات ولكنها لا تربك العمل ولا تؤثر عليه سلبا من الناحية البنائية. كما أن الرواية تنطوى على جانب أخلاقى، وهذا شئ طبيعى لكثرة الفساد وانتشاره على نحو لم يحدث فى تاريخ مصر. ولهذا نقرأ فى صفحة 59 على لسان مقلب الزبالة:"حكايات الزبالين فى الملاحة وأبيس تستهوينى، لا لأنى أستمتع بها، فالواقع أننى أتألم بشدة للاستماع إليها وأنا الجماد الأصم، ولكن لأننى أرى فيها عبرة لا يراها أولئك المنهومون إلى الدنيا المتصارعون عليها كتصارع الكلاب على جيفة. لو كنت قادرا على النطق لقلت لهم أن ينتبهوا بين الحين والآخر إلى أنهم صائرون إلى زوال فى يوم من الأيام".

البناء الروائى
تشتمل الرواية على أربعة وعشرين فصلا ترويها سبع شخصيات هى: بكر السرياقوسى، ووالده خليل السرياقوسى، وفردوس شعبان، والمقلب الذى تحول إلى شخصية تروى وتحكى، وأكرم الدقاق، وناموسة، ود.سامية المحجوب. ويذكرنا هذا البناء برواية "ميرامار" التى يرويها عامر وجدى، وسرحان البحيرى، ومنصور باهى، ولكن الموضوع مختلف تماما اختلاف مصر فى الستينيات عن مصر فى 2009. والشخصيات السبع فى رواية المقلب تمثل نماذج مختلفة لعصر فاسد، بعضهم داخل فى طاحونة الفساد، وبعضهم ينأى بنفسه عن ذلك، ولكنهم الجميع مرتبطون بعلاقات تبدو فعلا من أفعال القدر. فالناس فى هذا المناخ الفاسد يصارعون أنفسهم ويتصارعون مع غيرهم. فبكر السرياقوسى يتقدم لخطبة فردوس شعبان وهو شا متعلم ناضج، ولكن والدها يرفضه لأن أباه زبال، وإن كان ليس مجرد عامل زبالة وإنما هو صاحب مقلب يشتغل فيه عدد من العمال. والمقلب نفسه عندما يروى يخبرنا أن هناك مقلبين، أولهما مقلب خليل السرياقوسى ويقع فى الملاحات غرب الإسكندرية. والمقلب الثانى هو مقلب ياقوت العرش ويقع فى أبيس شمال الإسكندرية. ومقلب أبيس يمارس فيه الغش بصورة مبرمجة طبقا لتعليمات الحاج ياقوت، حيث يقوم أورمة يوميا بغمر بالات الدشت المعد للبيع مضغوطا لشركات إنتاج الورق بالمياه المتدفقة من خرطوم غليظ القطر، كما يحشر بين طياتها كميات لا بأس بها من الرمل والطوب والزلط والخرق البالية وبعض القطط والكلاب الميتة حتى يتضاعف وزن البالات. أما خليل السرياقوسى فإنه رجل يتقى الله فى عمله.. الرواية إذن تتضمن نوعين من الشخصيات: نوع شرير يمارس الغش والتدليس والسرقة علنا، ونوع طيب عنده وازع من ضمير، لكنه فى كل لحظة معرض لمواجهة مواقف فاسدة، والمجتمع نفسه عاجز عن الحماية أو الردع. فكل شخص يمكنه أن يفعل ما يريد، وفى النهاية يكون الخاسر الأعظم هو المجتمع الذى فقد بوصلة التوجيه، وفقد قوانين الحماية وأصبح معرضا للانتهاك من كل الجهات.
ولاشك أن بكر السرياقوسى شخصية ثرية جدا، فهو طالب فى كلية العلوم، لكنه لا يأنف من مساعدة أبيه فى مهنته و يخبرنا أن زمالته للزبالين تشكل عنده علاقة يومية مستديمة فيها حميمية شديدة الخصوصية. يقول:"فأنا والزبال نصعد أدوار العمارات حتى نهاياتها، ونطرق كل الأبواب، ونرى الناس من كل صنف ولون وجبلة..إلخ" (ص7) ويتأمل بكر ما يدور حوله بعين فاحصة، فهو عندما يصعد مع ناموسة على السلم، وناموسة يحمل أثقالا من القمامة على كتفه الضئيل، ومع ذلك تبدو عليه علامات السعادة يقول لنا:"إننى أرقبه بفضول جهنمى، فسعادته تحيرنى. إننى أرى فى رحلة الصعود والهبوط التى لا تنتهى بين أدوار العمارات رحلة عبثية تدعو إلى الاكتئاب لا إلى الشعور بالسعادة لدرجة الغناء، اللهم إلا إذا كانت هناك لذة ماسوشيستية غامضة يولدها الشعور بالقهر والاستعباد والإذلال. ويبدو أن التصالح مع القدر يجلب للنفس طمأنينة تهون من أجلها الدنيا ويعجز الملوك عن امتلاكها" (ص8).
وقد وجد خليل السرياقوسى عملا لابنه بكر فى شركة الورق الوطنية التى كان يورد لها الدشت منذ زمن طويل. ولكن بكر لم يكن مرتاحا للعمل فى هذه الشركة بسبب رئيسها أمين السناوى الذى يأخذ عمولات من المورد ومن الشارى أى شارى الورق من الشركة. وكان أبوه يدفع له إتاوة كبيرة كل شهر نظير تخليص مستحقاته عما يورده للشركة من دشت. كما كان لأمين السناوى علاقات مشبوهة مع آخرين ومنهم الأستاذ الجامعى طارق أستاذ بكر والذى يعمل مستشارا صناعيا للشركة. وبالطبع فإن عدم رضا بكر السرياقوسى عما يدور حوله، لاسيما وأنه شاب نظيف اليد وأبوه كذلك، جعله يفكر فى السفر إلى ألمانيا للدراسة هناك وتغيير نمط حياته. وعندما استقر أمره على السفر قال لنفسه:"أبى يشبه البحر تماما فهو يختزن بداخله الكثير من الكنوز والخيرات. ماذا أقول له؟ كنت أصطاد وقررت الهرب من مواجهة الواقع.. هذه الأرض لم تعد صالحة لى ولأمثالى، بعد أن كانت طيبة أصبحت مرتعا للشر والأشرار" (ص45).
ومما تتميز به الرواية أن العلاقات متداخلة ومتشابكة بين كثير من الشخصيات من بينها شخصيات رئيسية كالتى ذكرناها، وشخصيات أخرى يمكن أن نعتبرها ثانوية، لكن وصف الثانوية لا ينطبق عليها بدقة لأنها شخصيات فاعلة ومؤثرة فى الرواية مثل أورمه، وأم الكنى، وديشه، وجرنش، وشمس، وكل هؤلاء ممن يقومون بفرز الزبالة.

فضح الأوضاع الحالية
أهم ما فى هذه الرواية أنها، على لسان شخصياتها، تفضح الأوضاع الحالية التى وصلت حد الانهيار الكامل: فالبطالة توحشت حتى أكلت الكثير من الشباب على موائد الانحراف والتطرف والاكتئاب والغربة. أما تصريحات الوزراء وكبار المسئولين التى لا تنقطع عن توفير ملايين فرص العمل للشباب فهى مجرد أكاذيب، وهذا الإدمان للتصريحات لا تبرره إلا الخيانة والرغبة المجردة فى البقاء بالسلطة للنهب والتربح، وكأن مصر تكية كتبت لهم يستحلبون لبنعا ودمها بشراهة لم تعرفها من عصور طويلة مضت. والمصيبة –هكذا يقول بكر السرياقوسى- أن لا أحد يستطيع أن يمنعهم أو يحاسبهم أو يزحزحهم عن مقاعدهم التى أصابها العفن والجرب. أما خليل السرياقوسى والده فيقول إن عصابة من السفهاء يتحكمون فى مقدراتنا وينهبوننا فى غير رحمة. أما شباب اليوم –فى رأى خليل أيضا- فهم مساكين، زمنهم أغبر ومستقبلهم مظلم. أيام عبد الناصر كانوا يتسلمون العمل بعد التخرج مباشرة، اليوم لا يجد العمل إلا أبناء الواصلين، أما بقية الناس فليقهرهم الشعور بالعجز ولتأخذ بهم الحسرة.
ولا يكتمل مشهد الفساد إلا بمشهد آخر يتداخل معه ليصنع هذا الجو الكئيب الذى نعيش فيه. وفردوس شعبان التى كان يريد أن يتزوجها بكر السرياقوسى هى التى تحكى لنا هذا المشهد العجيب. فقد كانت تتناول الغداء بأحد النوادى الواقعة على كورنيش البحر، فلفت نظرها ما يحدث على مائدة قريبة منها: رجل ملتح يبتلع الطعام بلعا فى حيوانية مقززة ونهم مخيف. الطعام يسيل على لحيته مع سيل شهوته الجارفة للأكل. بجواره تجلس زوجته المنقبة، ترفع النقاب لتضع لقمة من الطعام فى فمها ثم تترك النقاب، وتعود لترفعه.. وهلم جرا.
تحدثنا فردوس عن زيادة نسبة العنوسة بين فتيات مصر، وتبدى لنا مخاوفها من أن تصل إلى الأربعين دون أن تتزوج. والحق أن هذا المشهد من أصدق المشاهد فى الرواية لأنه يتغلغل فى أعماق الأنثىويكشف لنا عما يدور بداخلها، وعما يفعله الذئاب من الرجال عندما يحسون أن هذه المرأة إنسانة محرومة متعطشة إلى الحب والجنس، فيقتربون منها إرضاء لشهواتهم البهيمية كى ينصبوا لها الشباك، وإذا وقعت فى حبائلهم مضوا لحال سبيلهم.
أما أكرم الدقاق، وهو مسيحى الديانة، فيقول إن البلد لا ترغب فى انتمائه إليها، وبالتالى فإن عقد مواطنته بها يعتبر لاغيا، لا لأنه مسيحى ولكن لأن الفساد والظلم وكبت الحريات وتزوير الانتخابات وارتفاع الأسعار والبطالة وتطرف الشباب وانهيار التعليم وأزمات الغذاء والإسكان والعلاج، وتعذيب المواطنين واضطهادهم فى أقسام الشرطة وانهيار قيمة الجنيه وانحرافات كبار المسئولين الذين ينهبون البلد بلا خشية أو وازع من ضمير أو دين؛ كلها شواهد على استحالة أن يكون عقد الانتماء بينه كمواطن وبين مصر كوطن عقدا قانونيا صحيحا ملزما للطرفين. ويقول لنا أكرم إن هذا هو عصر الفساد الأعظم وعليك أن تتعلم كيف تتعايش معه دون أن تخسر نفسك.
ونجد فى الرواية كلاما كثيرا يأتى على لسان الرواة واحدا بعد الآخر ومنهم المقلب الذى له هو الآخر تأملاته النافذة، فالإحباط هو النغمة السائدة فى المجتمع، والفساد والعفن فى المحليات والشعب لا يحرك ساكنا، وحتى إذا تناول الإعلام قضية من القضايا نجد أن كل شئ يهدأ بعد فترة قليلة ويبقى اللصوص فى أماكنهم.
ونجد فى الرواية كلاما عن ضحايا الخصخصة من الشباب الذين أخرجوا من عملهم فلم يجدوا إلا المقهى يذهبون إليه للثرثرة ولعب الطاولة والدومينو طوال الليل والنهار حتى يغلق المقهى أبوابه.
أما فردوس شعبان فتحدثنا عن أوضاع المرأة المهنية فى مجتمعاتنا، وتقول إنها لمست الفساد المستشرى فى البلاد بيديها، فكل تعامل مشروع أو غير مشروع له ثمن يقبضه كبار الموظفين المتربعين على المقاعد التنفيذية المسئولة.
ومن بين المفاجآت فى الرواية اكتشاف أورمه أن والده خيشه عنده فيلا فى المعادى، وقد ذهب إليه أورمه وتحايل على بواب الفيلا حتى دخل وقابل والده وذكره بنفسه.
وبالطبع بعد أن سافر بكر السرياقوسى إلى ألمانيا وبدأ يدرس هناك سوف يقارن بين الأوضاع فى ألمانيا والأوضاع فى مصر، وكيف أن الإنسان فى أوروبا هو إنسان ومواطن قبل أى شئ آخر، وأن عليه واجبات وله حقوق، وبالتالى يعيش معززا مكرما فى المجتمع. وعندما يتحدث عن الدكتور ياتس يقول إنه مثال للشخصية النبيلة التى هضمت الأديان الثلاثة، كما يتحدث عن معامل الأبحاث فى الخارج قائلا:"كان الفرق شاسعا أيضا بين معامل الكلية هنا (فى ألمانيا) ونظيرتها فى مصر. كل الإمكانيات الحديثة ميسرة فى خدمة الباحث من أجهزة وكيماويات. تشعر وأنت تدخل المعمل أنك فى رحاب معبد أسطورى مقدس، أنت فيه الحر الكريم لا العبد المهان الذى أراد أن يشتريه الدكتور طارق الألفى".
ولا تنتهى الرواية قبل أن يضع الكاتب أيدينا على أوضاع أخرى شائهة فى بلادنا، فنقرأ على لسان أكرم الدقاق أن الحلول الوسط والألعاب البهلوانية لم تعد صالحة للعمل بعد أن بلغ الانحدار مداه. الحلول القطعية الباترة فقط هى التى تصلح للمقاومة والتغيير.. نسف القديم الملوث أولا، ثم إعلاء الجديد النظيف بعد ذلك.
وينبهنا بكر السرياقوسى فى آخر فصل إلى أن التلوث العبودى جعل من الأحزاب مجرد جرائد يقرؤها بعض المثقفين، ومن الحكام مجرد مجموعة من المماليك تعيش على السلب والنهب فى عصر الفساد العظيم والتلوث الأعظم.
ويستخدم المؤلف عددا من التقنيات الحداثية مثل تيار الوعى، والعودة إلى الوراء، والمونتاج السينمائى، وتكبير المنظر، والحلم، والتقسيم المحكم للفصول، وأنسنة الجماد، وغير ذلك.
لكن الميزة الأكبر لهذه الرواية أنها تفضح الفساد والانحطاط والانهيار: انهيار المجتمع وانهيار القيم والأخلاق.

سعيد سالم ... الذى ندمت حين عرفته!!
بقلم/ د. عبدالبارى خطاب

لم أندم يوما فى حياتى على شىء فعلته أو ضاع منى , فالندم فى قاموسى خيانة للكبرياء, وحين عرفت سعيد سالم , ولتبقى الألقاب فى دفء القلوب , قطعت شرايين كبريائى لتنزف كل قطرات الندم , لكونى لم أعرفه من زمان ....
قال عنى : آخر المحترمين معارفه من الرجال , وأقول عنه : هو كل من عرفت من الرجال والنساء والأطفال....
ولمن سينزف الندم يوما , أقول له فكرة عن هذا الإنسان ... فهو مهندس كيمياء , كمياء البشر والأشياء, وماجستير فى صناعة الأوراق , يعرف كيف يتعامل معها , يكتب عليها أحلى الكلمات , يغازلها بحروف ونقاط.... يحولها إلى إنسان....
ولد يتيم الأب , فكان لنفسه هو الأب والابن , وأصبح هو الرجل والطفل... ولا ننسى البنت... فنصف نطفته أنثى, والأنثى عنده تعنى الرقة والجمال , الدفء والحنان... والطريق هنا اتجاهان , خذ أوهات, لافرق, فالمشاعر شمعات , والأحاسيس عنده لا تعرف الاتجاهات...
هو أيضا سمير , اسم الدلع وهو صغير , وينطقونها "صمير" , اسطوات "بوابة مورو" فى حى الأنفوشى حيث كان الميلاد... هو سعيد وسمير ونديم وحلو الحديث مرصع بالقفشات والنكات , والحكايات ودفء سرده للذكريات.
هو فيلسوف يعزف على أوتار الكلمات , له فى الحياة نظريات "الفصل والوصل" فى برزخ المياه حيث العذب والمالح يلتقيان ولا يمتزجان ... ويدخل هو بين الوصل والفصل ليضع بينهما منطقة وسطى رمادية المعنى , تشغله ويشغلنا بها , يتحرك خلالها بمتعة المستكشف , يبسطها لنا بأنها "الطبقة الفاصلة بين المعدن وطلائه"... ثم يطبق نظريته فورا على "كف مريم" حيث يدها تحول بين قبلته وشفتيها.. يتحول كفها إلى طبقة فاصلة بين الرغبة فى القبلة والخوف منها... تتأكد نظريته لتصبح قانونا معترف به "قانون الحب".
مجنون هو ... نعم .. "جسمه مكهرب بطاقة زائدة, عقله يشع أفكارا غير عادية"
محب هو... نعم... "فقلبه قلب عصفور , لكنه مشحون بحب الكون كله" يحب البحر فهو طفولته وصباه, يعشق الجمال فهو مخلوق من طين ونور وعبير أزهار.
عاقل هو... نعم... هو موسوعة اجتماعية ثقافية تاريخية وعلمية....
عادى هو... لا ... هو "الشىء الآخر".
صوفى هو... نعم... فهو يقول: "يا الله , كم أنت بديع فيما أودعت بأرواحنا من أسرار جمالك القدسى , تغرينا بحلاوة دنياك , وتعدنا بروعة جنتك , ثم تتركنا فى حيرة , نختار ما نختار, وأنت فى عليائك تعرف أننا واهمون...".
فنان هو... نعم... فهو يقول: "... ويا أحباب الحياة , يا أهل الفرشاة والقلم والنغم , أنتم عالمى الذى يجيش فيه حبى لحبيبتى...".
إنسان هو... نعم... فهو يتحدث نيابة عن كل البشر , عن الوضيع جدا والرفيع جدا , عن الخواجة واليهودى والمسيحى والمسلم , عن الزبال والمثقف , عن الأنثى والذكر... هو يكتب من داخل جينات الإنسان... هو كتاب مفتوح , وإن كان كبيرا متسعا وعميقا , إلا أنه سهل وممتع فى قرائته... إنه الرائع جدا سعيد سالم.
مقلب سعيد سالم
بقلم/ مروة الحمامصى

في رواية المقلب للكاتب سعيد سالم نجد المقلب البطل , أو الفلك الذي تدور حوله الشخصيات سواء من قريب أو من بعيد ونجده أيضا الفاعل والمفعول به , وهو المعادل للمجتمع أو الوطن الذي نعيش فيه . فشخصيات مثل خليل السرياقوسي كونت ثروتها بل ومركزها من مقلب الزبالة , وبكر ابنه الذي كان المقلب سببا في حرمانه ممن أحبها وأراد الزواج بها نجده أيضا مشاريعه العلمية والمستقبلية معتمدة على المقلب , بل ونجد شعبان الموظف المسئول الذي رفض تزويج ابنته من بكر هو أيضا يطمع في المقلب ليس هو فقط بل جيش من الموظفين الفاسدين .
والمقلب أحيانا يكون الحضن والحصن لمن يلجأ إليه مثل أورمه الذي فر من أهله وتربى في المقلب وحتى بعد أن يعود لأهله ليجد أباه رجلا غنيا فإنه لا ينسى المقلب ويحن إليه , مثل بكر السرياقوسي الذي سافر وتحمل الغربة والبرد والفقر ليحقق مكانة علمية يستطيع بها العودة للمقلب وتطبيق الأبحاث عليه , وأكرم الدقاق شاب أحس بالغربة والقهر في وطنه فعلق آماله على مشروع للشباب مركزه المقلب , نجده يفشل لمصلحة شركة أجنبية تريد السيطرة على المقلب والاستفادة منه , حتى أن خليل السرياقوسي يموت كمدا من ذلك , حزنا من ضياع مجد وأموال – كأنه لا يملك المال الذي يكفيه أو يستطيع استثمار ماله في نشاط آخر – إنها الحسرة من سيطرة الغرباء الأجانب على المقلب، وحتى صديقه اليوناني يعود لبلاده بعد أن تغيرت الأحوال وآل المقلب للأجانب.
والكاتب قسم روايته لعدة أجزاء تتحدث بلسان بعض أبطالها مثل بكر السرياقوسي وخليل السرياقوسي وفردوس شعبان كل حسب لغته وثقاقته ورغباته ويرى الأمور من وجهة نظرة والبطل الرئيسي ألا وهو المقلب يفتح لنا قلبه ويحكي حكاياته , وقد راعى الكاتب أن يقص أجزاء من الرواية على لسان شخصية ليتركها ويكمل مع شخصية أخرى، وفى رأيي أن في هذا ما شوقني لقراءة المزيد.
والكاتب وضع لنا سيناريو لمشهد من مشاهد الرواية على لسان المقلب أو الراوي ليخرج بنا من خط الحكي المعتاد , وفي النهاية نجد المقلب يقول في إحدى المرات أنا جزء من أرض هذا الوطن , وأما أنا أكرر رأيي الشخصي في الرواية مرة أخرى أن المقلب هو الوطن .

القضايا الجوهرية فى أعمال سعيد سالم

تتعرض أعمال سعيد سالم الروائية والقصصية والدرامية للعديد من القضايا والأفكار المعاصرة ذات الطابع الانسانى من خلال لغة سردية عالية تجمع بين التفلسف والسخرية، يتخللها حس صوفى ازداد ظهوره فى إبداعاته الأخيرة. وإذا كانت لغة الواقع هى اللغة السائدة فى معظم أعماله فإنه يمزج بها الخيال والفانتازيا أحيانا فى أشكال فنية متعددة دائمة التطور والتغير بما يتلاءم مع طبيعة المضامين الفكرية التى يتناولها.
وهو لايعتمد بصفة أساسية على السرد،وإنما يستخدم بتلقائية فنية وسائل متنوعة يطوع فيها سائر الفنون الأخرى لخدمة فنه الروائى،فنجده يستخدم الحوار الاذاعى والمسرحى والمونولوج الداخلى والرسائل المتبادلة وحديث الشخصيات والسيناريو السينيمائى وتيار الوعى فى مزيج يشعل من لهيب العمل ويزيد من جاذبيته.ومن ثنايا حديثه لنادى روتارى شرق الاسكندرية فى8/1/2001 نتلمس إحساسه بأهمية الرواية كفن أدبىودورها المؤثر فى المجتمع من حيث مخاطبتها للعقل والوجدان،رافضا مذهب الفن للفن،فالفن عنده وسيلة لتحقيق التناغم والتصالح بين الانسان ونفسه من جهة،وبينه وبين الحياة والكون والخالق من جهة أخرى،وهو يرى أنه رسالة تحمل من الدلالة أكثر مما تحمل من الفكر. والمتابع لمراحل التطور الفنى لأعمال سعيد سالم يمكنه أن يقسمها الى مراحل خمس.من هذا المنطلق نجد أعماله الأولى"جلامبو-بوابة مورو-عمالقة أكتوبر"تتناول قضية الانتماء، لابدرجاته المتصاعدة ابتداء من ثدى الأم وانتهاء بالكون العظيم والخالق الأعظم، وانما باختيار الانتماء للوطن بصفة خاصة.وفى مرحلة تالية:"آلهة من طين ومجموعات قصصية أخرى"يتناول فكرة خلاص الانسان من خلال الدين والفن،ثم يقترب من الفانتازيا فى مرحلة ثالثة:"عاليها أسفلها-الأزمنة-قبلة الملكة –الموظفون-رجل مختلف"-يتعرض فيها لقضايا أخرى كهوية الثقافة المصرية،وظاهرة الفساد الذى استشرى فى المجتمع،ومفهومه للحرية،ورؤيته للوجود الانسانى..ماذا يريد الانسان من الحياة وكيف يحقق سعادته..ويغلب على هذه المرحلة طابع التأمل والتفلسف والتساؤل. وفى المرحلة الرابعة يتصاعد اهتمامه بالقضايا السياسية القومية والعالمية من منظور انسانى ، كما يتعرض فى هذه المرحلة لتناول فكرة المال وعلاقته المعقدة بالانسان، ويلاحظ غلبة التحليل النفسى على معظم أعمال هذه المرحلة:"الشرخ- الفلوس- الأزمنة-حالة مستعصية-الجائزة".
وفى المرحلة الخامسة يتصاعد الحس الرومانسى والصوفى فى روايتيه الأخيرتين:"الكيلو 101"و"كف مريم"، ويتسع أفق رؤيته للإنسان والكون والحياة، وتتبلور رؤيته لطبيعة التناقض بين العديد من الثنائيات الفكرية كالأصالة والمعاصرة، أوالفرد والمجتمع، أو الدين والدولة،أو الأصولية والليبرالية، من خلال تناوله لقضايا معاصرة كالاغتراب والإرهاب والعلمانية والفتنة الطائفية، وفى "كف مريم" بصفة خاصة كان أمرا مثيرا للدهشة أن يتم تناول مثل هذه الموضوعات الشائكة من خلال قصة حب رومانسية شديدة الخصوصية بين رجل وامرأة من ديانتين مختلفتين وقد تجاوزا مرحلة الشباب.
ومن الممكن أن نلقى بنظرة عاجلة على تلك المضامين التىتناولها سعيد سالم بجرأة شديدة ومكر روائى كما وصفها الدكتور صلاح فضل ،وذلك من خلال آراء النقاد والكتاب الذين أدلوا بدلوهم فيما كتب :
الانتمــــــاء:
كثيرا ما عبر سعيد سالم عن فكرة الانتماء-عند الشباب بصفة خاصة-سواء فى بدايات أعماله الروائية والقصصية، أو من خلال أحاديثه الصحافية والإذاعية،بأنها أشبه بوثيقة مواطنة موقعة من طرفين هما الوطن والمواطن-"قصة المواطن.أخبار اليوم / /2002"- وأنه إذا غاب توقيع أحد الطرفين أصبح التعاقد بينهما لاغيا.فإذا كان الطرف الغائب هو الوطن-لأسباب يتناولها- فإن هذا يؤدى بدوره إلى احتمالات عديدة:
*اغتراب الشاب خارج وطنه بحثا عن وطن آخر يوقع معه على الوثيقة.
*اغتراب الشاب داخل وطنه بتعرضه للاكتئاب والإحباط والألم.
*اغتراب الشاب داخل ذاته بانضوائه تحت ألوية التمرد والتطرف والانحراف.
وقد تعرض فى رواياته الثلاث الأولى"جلامبو-بوابة مورو- عمالقة أكتوبر" لنماذج ثلاثة من الشباب اللامنتمى الذى يعتصره الضياع ويهدد مستقبله ووطنه، والشباب ذى الانتماء السلبى الذى تعوقه مسببات اجتماعية أوسياسية أو نفسية عن تحقيق انتماء يرغب فيه ويعمل جاهدا على تحقيقه، والشباب ذى الانتماء الإيجابى الذى كتب عليه أن يبذل حياته مناضلا لأعتى قوى الشر والفساد والطغيان حتى يحقق ذلك الانتماء.
ولقد فوجىء الكاتب فيما يبدو بأن نقادا وكتابا كنجيب محفوظ والدكتور على الراعى والدكتور يوسف إدريس ويوسف الشارونى والدكتور سيد حامد النساج والدكتور محمد مصطفى هداره والدكتور السعيد الورقى والدكتور محمد زكريا عنانى والدكتور عبد العزيز الدسوقى والدكتور يوسف عز الدين عيسى، قد استقبلوا هذه الأعمال باهتمام شديد مما جعل سعيد سالم يصرح بأنه أصيب بالرعب عندما قرأ هذه الآراء حيث كان شعوره بفداحة المسئولية عما يمكن أن يكتبه مستقبلا ،أقوى بكثير من شعوره بالفرحة لهذا الاهتمام غير المنتظر.
الديــــن والفــــن:
لعله من الملفت للنظر ألا تكاد رواية من روايات سعيد سالم تخلو من إشارات فنية إلى مقدسات دينية إسلامية أو مسيحية أو يهودية، إن لم تتناول أعمال بكاملها:"آلهة من طين-الكيلو 101-كف مريم" التعرض لفعل الدين عند الانسان،إذ يرى سعيد سالم أن "خلاص الانسان فى الأرض لايتحقق إلا بالحب،وأن خلاصه فى السماء لايتحقق إلا بالدين، وأن الفن هو الجسر البرزخى الذى يصل بين الخلاصين". وهو ككاتب مسلم يعترف بالأديان الثلاثة ، يؤمن-كما يتبين من كتاباته- بأن النصوص الدينية الثلاثة أشبه بطبعات ثلاث متتالية لكتاب واحد آخذة فى التطوير والتنقيح حتى انتهت إلى طبعتها المثالية الإسلامية.فإذاكانت الديانة اليهودية تمثل عالم الملك والقوة والمادة والإله الجبار،فإن الديانة المسيحية تمثل عالم الملكوت والتسامح والروح المتسامية والإله الرحيم، بينما تمثل الديانة الاسلامية وسطا متوازنا رائعا بين عالمى الملك والملكوت،وبين القوة والتسامح،وبين المادة والروح،ولا عجب فهى ديانة الإله العــــادل".(حوار بندوة روتارى شرق الاسكندرية).
وعلى ذلك فإن العبرة عنده بجوهر الأديان الواحد بما تدعو إليه جميعا من حق وخير وجمال، الأمر الذى تؤكده دعواه الفنية المتكررة بنبذ التعصب والتطرف من جهة، وعدم الخلط بين المطلق والنسبى من جهة أخرى"مقالة المطلق والنسبى-نشرة اتحاد الكتاب.فبراير2001"-ورواية"حالة مستعصية". ومن خلال روايته"كف مريم"الحاصلة على جائزة اتحاد كتاب مصر لعام2001 يصف الدكتور السعيد الورقى-"الأهرام11/11/2001"-سعيد سالم بأنه"حكواتى مثقف يملك تلقائية الحاكى الذى يظل مسيطرا على ذهنك حتى نهاية الحكاية، وهكذا كان يوسف إدريس العظيم.وقد استطاع سعيد سالم أن يصنع نسيجا سرديا مثقفا، فيه شاعرية الأداء والتصوير،وديناميكية الحركة المتدافعة،وسحر اللغة الصورة، وعمق الفكر، فى جدل الحوار الذهنى.وقد تناول الكاتب قضية الإرهاب –وهذه براعة منه-دون تحديد قاطع لهويته ،مع أن القتلة ملتحون والقتيل مسيحى،إلا أن الكاتب مسها وكأنها قضية صراع طبقى وثورة الاحساس بقهر الحاجة وتمرد المتخبط بين ايديولوجيات الفكـــر. وقد استغل الكاتب قصة الحب الشائكة بين حليم ومريم بما فيها من رومانسية شاعرية رقيقة ليطل على عدد من القضايا الواقعية والفكرية كتلاقى الأديان وذوبانها فى دين واحد،وهل يمكن لمريم المسيحية وحليم المسلم أن يذوبا فى كيان واحد ووجدان مشترك، وهل يستطيع الحب والتسامح أن يحققا هذا؟..كما تناول قضية الاغتراب خارج الوطن وداخله. ولاتقف براعة سعيد سالم-فى روايته كف مريم-المانع المانح على قدرته فى وضع تصميم بنائى محكم لعمله،ولا على دقته فى رسم شخصياته،وفى تكوين علاقات هذه الأشخاص ببعضها وبنفسها وبالحدث، ولا على منظومة القضايا والأفكار التى كانت حاضرة فى ذهنه وحركها من خلال شخصياته،ولا على التوازن الحسابى الدقيق لاستحضار أصوات شخصياته وتناسب حجمها مع حضورها، وإنمــا يقف على قمة براعته الأدائية لغـــة السرد لديه بما فيها من شاعرية مثقفة وما فيها من قدرة حركية تمتلك خصوصيات السرد".
ويلاحظ أن نفس الناقد قد سبق له أن تناول أولى روايات الكاتب بالنقد منذ خمسة وعشرين عاما على وجه التحديد.
وعن نفس الرواية وصفه الكاتب عبدالعال الحمامصى"مجلة أكتوبر23/11/2001"بقوله:"منذ بزوغه مبدعا موهوبا فى السبعينات من القرن الآفل،أعطانا الكاتب السكندرى الكبير سعيد سالم مجموعة كبيرة من الأعمال الإبداعية روائيا وقاصا.وقد حملت هذه الأعمال من القيمة الأدبية ماجعله واحدا من أعلام الحركة الإبداعية بين أدباء الجيل".
وتصفه الناقدة فوزية مهران"جريدة الأسبوع العدد235/2001"بتألق أسلوب السرد المبدع وارتفاعه الى شاعرية نادرة بمقامات الحب والعشق والقدرة على تصوير المشهد بالحوار الذكى الموحى ليحيط بما يجرى على أرض الواقع وداخل النفوس".
وقد عبر الناقد السورىشوقى بغدادى فى مقدمته للطبعة الثانية من رواية"آلهة من طين" عن رأيه فى هذه الروايةبقوله:"إن سعيد سالم شخص لايمكن نسيانه بعد الآن.لقد صار لكلماته معناها الحى الحاضر فى الذهن وكأننى أعرفه شخصيا منذ سنين عديدة،ذلك أن الرواية لم تكن مجرد متعة فنية،بل كانت أيضا وثيقة شخصية فى اعتقادى على صاحبها ، فالاسكندرية كبيئة والتخصص العلمى كخلفية والخصوصية المتفردة كأداء ، كلها كانت حاضرة فى الرواية بشكل أو بآخر كى تزيدك معرفة لابالفنان وحده ،بل بالانسان الذى يحمل إسم سعيد سالم ، ذلك الكاتب الذى يتميز بالاندفاع الشديد المتدفق بوتيرة متسارعة يلهث فيها القارىء والكاتب معا ، وكأن المخزون العاطفى والفكرى عنده يخضع لعملية انفجار أكثر منها عملية تأمل ،ولا تستطيع مناقشة الكاتب فى هذه المسألة ، ذلك لأنها تعود بالدرجة الأولى إلى طبيعة تكوينه كإنسان ذى توتر داخلى بالغ الشدة."
ولأن الشكل الفنى التقليدى قد لايتلاءم أحيانا مع طبيعة مضمون شديد الأهمية والحساسية كالدين ، فإن سعيد سالم-كما يقول الدكتور محمد مصطفىهداره فىكتابه:النثر العربى الحديث 1994-"لايعتمد على سرد الحكاية فقط وإنما يستخدم المونولوج الداخلى استخداما جيدا بلغة شاعرية شديدة التكثيف سريعة الإيقاع، ويوظف الرمز بصورة إيحائية تستثير الفكر وتجعله دائم اليقظة،وهو يجنح قليلا الى السيريالية فى بعض الأحيان ولكن دون إغراق فى الغموض . ولاشك أن عينه الناقدة التى تعى جيدا ظروف مجتمعها كانت موجودة فى أقاصيص قصيرة تناول فيها بعض قضايا المجتمع المصرى ولكنها لم تكن مرتبطة بفرد بل بمجتمع وأمة على المستوى الإنسانى العام".
وسعيد سالم يعشق التجديد فى الشكل:" الظاهر والباطن.ملحق الأهرام29/9/2000"وقصة"رحيق الروح.ملحق الأهرام 28/12/2001"(وهما تنتميان إلى مجموعة رحيق الروح)حيث نجد القصة مكونة من مجموعة مختلفة من الأقاصيص،كل أقصوصة قائمة بذاتها، لكن مجموعة الأقاصيص فى مجملها تشكل محورا فكريا ووجدانيا مشتركا.كما نجد أن رواية"آلهة من طين"-التى سبق أن تقررت دراستها فى منتصف الثمانينات على شعبة السيناريو بمعهد السينيما تحت إشراف الدكتور محمد كامل القليوبى-تجمع بين السرد والمونولوج الداخلى والرسائل المتبادلة والحوار الإذاعى والمسرحى.وقد كتب عنها الناقد السينيمائى الدكتور رفيق الصبان فى مجلة روز اليوسف27/3/1989 قائلا إنها"لو وجدت طريقها الى الشاشة فسوف تترك فى النفوس أثرا يماثل إن لم يفق الأثر الذى تركه قنديل أم هاشم يحيى حقى أو شحات نجيب محفوظ."
وفى رواية"الأزمنـــة"نجده يدخل-لأول مرة-السيناريو السينيمائى فى نسيج العمل الروائى بتلقائية شديدة ودونما افتعال،بينما نجده يترك شخصياته تكشف عن خبايا نفسها وعن علاقتها بالآخرين بضمير المتكلم فى روايته"كف مريم".ورغم أن هذا التكنيك ليس من ابتكاره إذ سبقه إليه البعض ،إلا أننا نجد جمل الحوار عنده مختلفـة حين يرويها طرفـا الحواركل من وجهة نظره .
الثنائيات المتناقضـــة:
مثلما اعترض سعيد سالم على مايمكن أن يشكل تناقضا بين الدين والفن، فالفن جمال والله جميل،نجده يرفض وجود جبهتين فكريتين متصارعتين تكاد تكفر كل منهما الأخرى باعتبارها صاحبة الحقيقة الواحدة والمطلقة، ذلك انه يؤمن بالحل الذى يقوم على التكامل لاعلى التفاضل ،فهو يرى مثلا انه كلما تعمقت الأصالة تألقت المعاصرة"فى حديثه لمجلة الشراع اللبنانية27/12/"1981- حيث يتوقف الأمر على حسن انتقاء مايلزم ورفض مالا يلزم،بما لايتعارض مع القيم الانسانية النبيلة من جهة أو مع قيم الحداثة والتقدم من جهة أخرى،بذلك تكون الحصيلة تكاملية لاتلفيقية.أما التشبث بالماضى بحذافيره دون اعتبار لمرور الزمن و تجدد متغيراته ،أو الأخذ بأسباب المعاصرة من الغرب المتقدم كما هى بخيرها وشرها فذلك كله مرفوض.وهو يرى أن تبنى هذا الفكر التكاملى يؤدى الى ازالة الكثير من التناقض بين اتجاهات فكرية عديدة مازالت فى جدل عقيم حتى الآن كالأصولية واللبرالية،التراث والحداثة،الفرد والمجتمع،الدين والدولة، وغيرها من التيارات المتقاتلة فى ضراوة والتى تكرس حالة من الانفصام الفكرى على مستوى المجتمع والفرد وتؤدى فى النهاية إلى التردد والعجز عن اتخاذ قرارات مصيرية أصيلة قائمة على المبادرة بالفعل وليس على رده فقط:"رواية حالة مستعصية".ولعل حيوية الدراما فى مجمل أعمال سعيد سالم ترجع بالدرجة الأولى إلى احتدام الصراع الفنىوالفكرى بين العديد من المتناقضات التى نراها ممثلة فى شخوصه وأحداثه.
المـــــــــال:
بقيت فكرة المال وعلاقته بسعادة الإنسان مستترة فى بعض أعمال سعيد سالم التى تسخر مما آلت إليه حياتناالمعاصرة من تعليب للوعى و تسعير للشعور وتسويق للوجدان حتى بدأ العالم يتحول إلى غابة لايستطيع الحياة فيها سوى أقوى الوحوش، إلى أن اقتحم معاقلها بجرأة فنية تجريبية فى روايته"الفلوس"ومسلسله الدرامى"رحلة الصعود والهبوط.إبريل1994". إنه يؤكد لنا من خلال حكيه الفنى المحكم-والذى اشترك فيه الحيوان مع الانسان-على بديهيات قد نعلمها جميعا ولكننا ننساها فى خضم الحياة،وهى أن المال وسيلة لاغاية،وهو زائل لامحالة إما لأسباب دنيوية وإما بالموت،وأن هناك قواعد سماوية تريح الانسان وتدفع عنه الجهد والعناء لو اتبعها فى التعامل مع هذا المال الذى هو بمثابة عهدة مؤقتة استخلف فى الأرض لإنفاقها..وكأن سعيد سالم يقتفى أثر سيدنا على بن ابى طالب حين يقول"إذا أقبلت عليك الدنيا فأنفق فيها فإنها لاتفنى،وإذا أدبرت عنك الدنيا فأنفق فيها فإنها لاتبقى"وذلك من منطلق اعتقاده-حسبما تؤكد كتاباته-بأن رزق الانسان هو ما ينفقه فى دنياه،أما مايكنزه فهو رزق غيره.وفى مسلسل"مفتاح الســر"الذى أذيع فى يوليو2000يقوم العمل بأكمله على الجدل حول فكرة الإمام الشافعى التى يطرحها قائلا:
رب قسمتها حظوظا علينا/فنعما لذا وتعسا لذاكا
لاعلم ولاذكاء ولكن / لك سر يحير الإدراكا
إذ يتعرض لها فى حوار أذيع على مدى شهر كامل وكانت الغلبة فيه للأخذ بالأسباب واحترام قيمة العمل دون تكالب أو لهاث أو صرع على المال، بما يحقق للإنسان سعادته المرجوة دون التخلى عن إنسانيته. وفى مسلسله الكوميدى: "الدكتور مخالف".الإذاعة.إبريل1977نجده يحث على أنه لابد لكل إنسان-خلال مسيرة حياته-من وقفة مكاشفة مع النفس ومواجهة مع الضمير، يسترجع فيها مواقفه من الحياة بخيرها وشرها،ويلتقط فيها أنفاسه استعدادا لمواصلة الرحلة فى ظروف أفضل وفى مناخ أجمل ،متخلصا من سلبيات الماضى وأخطائه، مستشرفا مستقبله الجديد بروح عامرة بالحب والصفاء.وكما تتحتم هذه الوقفة على الفرد فإنها بنفس الكيفية تتحتم على المجتمع، خاصا بالذكر مجتمعنا المصرى سليل المجد القديم.
ولأن سعيد سالم مولع بالثنائيات والمتناقضات الجدلية -ولعل ذلك راجعا بالدرجة الأولى إلى طبيعة تفكيره كمهندس كيمائى مارس بيديه تفاعل العنصر مع عنصر آخر لينتج مركبا ثالثا يمكنه التفاعل مع مركب رابع لينتج خامسا وهكذا، فمن التناقض يتم التخليق-فإننا نجده يعقد مقابلات صارخة بين فكر الشرق وفكر الغرب بوجه عام فىمجموعاته القصصية: "أقاصيص من السويد"و"هوى الخمسين" و"رجل مختلف" وبوجه خاص حول التعامل مع المال والقانون والوقت والعمل فى مسلسله الدرامى:"زارع الأمل".سبتمبر1987 .
إسرائيل وحلم الوحدة العربية:
من الهموم الملحة التى تؤرق فكر سعيد سالم هم الوحدة العربية المؤجلة إلى أجل غير مسمى:"الجائزة"، إذ يزعجه إلى درجة الجنون اتحاد دول أوروبا رغم تناقضاتها اللغوية والجغرافية والدينية والاجتماعية،فى الوقت الذى يعجز فيه العرب، المتجاورون جغرافيا وأصحاب اللغة الواحدة والدين الواحد والمصلحة القومية الواحدة أمام تحديات الاستعمار والصهيونية، عن اتحاد مماثل يواجهون به عصر العولمة والتكتلات الاقتصادية الكبرى و سيطرةالإعلام العنصرى الأمريكى والغربى والصهيونى،مهيئين بذلك الموقف المتخاذل فرصة لاتعوض أمام إسرائيل لتحقيق حلمها الأسطورى الخرافى باحتلال العالم العربى من النيل إلى الفرات استنادا إلى أكاذيب لاهوتية يعلمون أنها مختلقة، مطبقين بروتوكولات حكماء صهيون تطبيقا حرفيا بنجاح لاحدود له:"قصة آلام يعرب، وقصة بروتوكولات حكماء الشركة العربية المتحدة للصوتيات والمرئيات"..حيث تتردد عبارات وحدوية مثل:الولايات المتحدة العربية،و"المعجزة الإسلامسيحية"و"التجمع الإنسانى"و"وحدة الأديان" فى سياق العمل بما يؤكد توقه الحارق إلى تحقيق الوحدة العربية كحل لابديل له عن فناء الأمة العربية.
هوية مصر الثقافيــــة:
لايتفق سعيد سالم مع من يحصرون هوية مصر فى انتماء تاريخى أو جغرافى معين كالفرعونية أو القبطية أو الإسلامية أو البحرأوسطية ،إذ أنه يرى فى هذه الهوية مصهورا إنسانيا مركبا شديد الخصوصية، نجح فى استيعاب الحضارات الانسانية كافة.وفى حديثه لأخبار الأدب13/12/2002 يقول"إن الثقافة المصرية تمثل بخلاف وجهها الوطنى ثقافة قومية بحكم انتمائها العربى كما تمثل ثقافة عصرية تستوعب التيارات الانسانية المتجددة،وهى أيضا ثقافة عالمية بحكم تفاعلها عبر القرون مع الثقافات الأخرى ودون الوقوع فى أسرها.
غير أن المرحلة الفرعونية تمثل هوى خاصا لدى الكاتب نلحظه فى رواية:"عاليها أسفلها" وهى الرواية الوحيدة التى كتبها سعيد سالم بلغة الفانتازيا الخالصة، حيث نما إلى علم الفراعنة أن أهراماتهم قد انقلبت فصار عاليها سافلها وأن أحفادهم المعاصرين عاجزون عن إعادتها إلى وضعها الطبيعى،فقرروا إيفاد ممثلين عنهم ليلتقوا بالمعاصرين من رجال الفكر والعلم والدين والفن والسياسة والاقتصاد والاجتماع لدراسة أسباب الانقلاب والبحث عن حلول جذرية ناجعة لإعادتها إلى وضعها الطبيعى.كما نلمح هذا الهوى فى روايته القديمة:"عمالقة أكتوبر"،ورغم أنها رواية واقعية إلا أنه لم يعدم سببا فنيا لبعث روح أجداده الفراعنة كى تلقى بظلالها التاريخية على الأحداث،ولا غرابة إذن حين يعاود سعيد سالم الإشارة إلى فرعونيته فى مقدمة رواية"الأزمنة"إذ يعرفنا الراوى بنفسه قائلا:"أنا مواطن مصرى الجنسية وإن كان لابد أن أذكر ديانتى فأنا مسلم لكن أبى مسيحى وأبوه فرعونى أما جدى الأكبر فكان يدين بالكون العظيم."
الإنســان والحيـــاة:
تساؤل الإنسان الأزلى عن لغز الحياة، وعن حيرته الأبدية فى الإجابة عنه ، نجده مطروحا على الدوام فى الكثير من أعمال سعيد سالم القصصية والروائية، وقد بلغ ذروته فى مجموعته القصصية:"قبلة الملكة". يقول الناقد محمد السيد عيد فى مجلة إبداع.أكتوبر1988 : "يردد الكاتب بإلحاح عبارات بعينها مثل:"لست أدرى"و"لست أفهم"و"الأمر شديد الغموض"و"هل تستحق الحياة كل مايبذل فيها؟"و"ما هو قانون الحياة؟" ، ثم نجده يقول:"إن مولدى ومماتى لايعنيان أكثر مما تحمل الكلمتان من معنى، أما المسافة بينهما فلم تكن غير حلم سخيف."ليذكرنا بما قاله أحد الفلاسفة اليونانيين:"إذا كان الوجود موجودا فأنا لا أستطيع أن أدركه لقصر العمر وغموض المسألة" ، ونخرج من الحديث عن رؤية الكاتب فى قصصه الفلسفية بأنه كاتب جاد يحاول أن يمشى طريقا خاصا به لايشاركه فيه معظم أبناء جيله،مما يؤكد طموحه وجرأته".. ويجمل محمد السيد عيد رؤيته فى إبداعات سعيد سالم القصصية بقوله:"إنه كاتب طموح يحاول أن يعرف سر الحياة الإنسانية وأن يثبت قدمه فى أرض التفلسف ويتأثر فى رؤيته كثيرا بالعبث كما يتأثر به فى شخصياته وأحداثه،أما اللغة فتبتعد عن التجريب لكنها فى مجملها جيدة"..وتلح فكرة السعادة على الكثير من قصص سعيد سالم التأملية وهو يستشهد فى روايته"حالة مستعصية"بالمقولة الصوفية"ماذا يصنع أعدائى بى وجنتى وبستانى فى صدرى؟إن حبسونى فحبسى خلوة ، وإن أخرجونى فخروجى سياحة، وإن قتلونى فقتلى شهادة" مستدلا بذلك على مفهومه الراسخ عن السعادة بأنها شعور ينبع كالنور من الداخل ليضفى تأثيره على ما بالخارج وليس العكس كما يعتقد الكثيرون.. وحول موضوع الإنسان والحياة يقول أحمد زكى عبد الحليم فى مجلة حواء19/3/1988 "يظل سعيد سالم صاحب أسلوب متميز ليس بطلاوة الكلمة فحسب ولكن بمقدرة هذه الكلمة على اختراق الحجب والوصول إلى جوهر الأشياء، بحيث نرى حياتنا ونقف على أقدارنا ونبتسم فى سخرية أو فى حزن من أجل أيام ماضية وأيام مقبلة."
المــــــــرأة:
فى شهادته بعنوان"رحلتى مع الرواية والقصة" المنشورة بمجلة فصول.عدد الأدب والحرية.مايو 1992ص142-153والتى أعاد طرحها فى ندوة له بعنوان"تجربتى مع الكتابـة" فى قصر ثقافة مصطفى كامل.أغسطس2000 يقول سعيد سالم:"بدأت تجاربى الجوهرية الأولى فى عالم المرأة مع أمى التى كانت بمثابة المستودع الكونى لعاطفتى إذ توفى أبى قبل أن أتجاوز الثانية من عمرى.هكذا نشأت مع سيدة تقوم بدور الأم والأب معا.شديدة الذكاء.حاضرة البديهة.قوية الشكيمة.نافذة البصيرة.قمة فى التضحية.أيوبية فى الصبر والصمود أمام متاعب الرزق وتنكر الأقارب، ورغم هذا كله فقد كانت تتمتع بروح السخرية والمرح.كان اختيارها النهائى ألا تتزوج بعد وفاة زوجها وهى الشابة المرغوبة ذات الخمسةوالعشرين ربيعا ،وألا تعرف لنفسها رسالة فى الحياة سوى تربية أبنائها وتعليمهم وحراستهم من نوائب الدنيا،ولقد نجحت فى ذلك.ومثلما كان حضنها دافئا كانت صفعاتها على الوجه قاسية وكأنها -بالفطرة-تدرك فن الإدارة من خلال الثواب والعقاب.
أما التجربة الثانية فى هذا العالم الخصب الجميل-عالم المرأة-فكانت مع فتاتى التى أحببتها منذ صباى ثم تزوجتها فى النهاية وأصبحت أم أولادى ورفيقتى فى الحياة.وهى الأخرى تتمتع بقوة الشخصية وحدة الذكاء وبصفات أخرى عديدة تشابهت مع صفات أمى، غير أنها كانت تتمتع بجمال فريد مازالت بقاياه تشع من عينيها الخضراوتين حتى اليوم.ولعل أكبر إنجاز قامت به فى حياتى هو مساندتى فى رحلتى الأدبية الشاقة".ويضيف سعيد سالم فى حديثه لمجلة حواء22/7/1995-التى ينشر فيها معظم قصصه القصيرة-"إن بطلاتى فيهن شهامة الرجال".
يفهم مما قيل أن كاتبنا يتمتع بشبع عاطفى إلى حد كبير،ولكن الشبع لايولد فنا مشحونا بعواطف ساخنة متجددة-على عكس ما نلحظ فى أعماله التى تتفجر بالعاطفة!!-وعلى وجه العموم فربما كانت نشأته كيتيم ذات أثر خاص فى رؤيته للمرأة،فاليتيم بطبعه شخصية تأملية،لذا نجده يقول فى نفس الندوة:"لقد كنت فى صباى أجلس الساعات الطوال إلى شاطىء البحر متأملا فى الأفق البعيد ، متسائلا فى حيرة فائقة عن معانى الحب والسعادة والمرأة والجنس والموت والظلم والعدل والجريمة والسلطة والثروة ، فلا أجد الإجابة ، ولذلك لجأت إلى الكتب فى سن مبكرة بحثا عن هذه الإجابات، وكان من الطبيعى أن أتناول بعد ذلك كل هذه الموضوعات فى كتاباتى باهتمام شديد جدا فاق اهتماماتى بأمور كثيرة فى الحياة."
يتناول سعيد سالم فى أعماله نماذج متنوعة من المرأة، ففى مجموعته القصصية:"رجل مختلف"يصطدم البطل بنموذج عصرى عجيب للمرأة الغربية ص109 فيقول"كشفت لى عن وقاحة تفوق الوصف ثم طلبت منى أن أضربها بعنف وكانت تبكى وتضحك فى آن واحد، بينما استنفدت جل طاقتى فى إشباعها ضربا حتى منتصف الليل ، حين نامت حضارتان مجهدتان على فراش الحضارة المنتصرة. وفى الصباح عاملتنى كما لو كنت إنسانا تراه لأول مرة.ضاعفت قبلتها الباردة من احتقارىلها.انصرفت بعدأن دعتنى لتناول الغداء بمنزلها فى اليوم التالى ولكنها لن ترانى الى الأبد.".. وفى المقابل يعرض علينا الكاتب صورة مناقضة معبرة عن رقة المرأة الشرقية وحنانها فى قصته"رحيق الروح".ملحق الأهرام28/12/2001 على لسان البطل الذى يصف محبوبته قائلا:"حين يتوسد رأسى صدرها الحنون ويحيط ذراعى بخصرها الهش ، أغادر الأرض بقهرها وقسوتها وملالتها ، لا إلى السماء حيث العدل والرحمة ، وإنما إلى كون آخر يفصل بينهما مثلما يصل..كون برزخى يستقطر فيه عسل الحب والرضا إلى رحيق العشق المتفانى وهى تربت بكفها الرقيق الدقيق على رأسى لأذوب فى عبير عطائها المسكر ، وكأنها تغسلنى فى ينبوع الخلد المتدفق من هذا الصدر العبقرى لتزيل عن روحى أدران المادة وأثقال الشتاء وتمتص ذبذباتى وعذاباتى وحيرتى وقلقى.يا إلهى..كم أحببتها".
وفى رواية الشـــرخ نلتقى بنماذج لاحصر لها من المرأة يعرضها تجمع للمدرسات المعارات من دول مختلفة إلى دولة عربية أخرى، فى سكنهن الجماعى حيث يتحررن فى المساء من كل قيد وينطلقن فى أحاديثهن عن الرجال بلا ضابط أو رابط فى كلمات يعبرن بها عن خواطرهن وغرائزهن وهواجسهن دون تحفظ ، فى خليط يجمع بين الجريئة والخجولة والمتدينة والماجنة والصامتة والمرحة والمنطوية على نفسها.
ونستطيع أن نخلص من النماذج التى قدمها الكاتب عن المرأة والتى تجمع بين تناقضات هائلة إلى رؤيته بأن المرأة الشرقية-بوجه عام-تعيش فى عالم ذكورى يعتقد فى تميز الرجل على المرأة وحقه فى السيطرة على مصيرها بقدر كبير، ولا يمنع هذا من وجود نماذج أخرى من المرأة المتمردة على هذاالوضع-مثل نرجس فى رواية الشرخ-سواء انتهى هذا التمرد إلى تحقيق ذاتها لقاء ماتدفع من ثمن ، أو هزيمتها واستسلامها للواقع المشار إليه. وهذا ما تؤكده رواية"حالة مستعصـــية"حين تكتب الصحافية الشابة" أمنيه" إلى معشوقها قائلة:"الواقع من حولى يابهاء-يا أستاذى وصديقى وحبيبى-أبعد من أحلامى بعد السماء عن الأرض.واقعى كتل هلامية تدعى بشرا. عقول من العصر الحجرى. حرام على المطلقة أن تضحك حتى فى مجلس أبيها ، أو أن تكشف عن شعرها أمام ابن عمتها.عيب عليها المعرفة.عليها فقط أن تبقى فى انتظار السيد الجديد لتتزوج منه وتنجب له وتخدمه ولاترى من العالم الخارجى إلا الطرقات التى تؤدى إلى بيت أهله وأهلها."
المرأة إذن مظلومة عند سعيد سالم ، ولكن عيناه لاتغفلان عن رصد المرأة المتسلطة قاسية القلب فى قصة"التعاقب"-مجموعة الموظفون الحائزة على جائزة الدولة التشجيعية-والتى تدفع بالرجل إلى قتل أبيه.كما نرى المرأة اللعوب فى رواية الكيلو 101كعاشقة تبذل المستحيل حتى لايملها العشيق ويتركها كما ترك غيرها ، فتتلون على كل الألوان لنجدها يوما تعيش معه بشخصية الخادمة ويوما بشخصية العالمة ويوما بشخصية الطبيبة ، حيث تؤدى ادوارها بإتقان شديد لمجرد أن تجدد من نفسها وتشعره فى كل يوم أنها امرأة أخرى مختلفة عن تلك التى ضاجعها فىاليوم الفائت ، ورغم ذلك فلم يكن مصير تلك العلاقة إلا الفشل والنسيان.
وفى رواية الفلـــوس تبيع مديحه عهدها لحبيبها عبد الخالق لقاء الارتباط بمن هو أقدر منه ماليا واجتماعيا فتكون سببا فى انقلاب جذرى بحياته ليصبح من أثرى أثرياء المدينة ، وحين تعود إليه مثقلة بالإحباط والندم لايستطيع أن يعرفها فقد أصبح كائنا آخر غير الذى عرفته من قبل.
مما سبق من نماذج متنوعة للمرأة طرحها سعيد سالم فى أعماله يمكن القول بأنه يرى فى المرأة كائنا رقيقا متفجرا بينابيع الحب والرحمة ولكنها تحت ضغط المجتمع الذكورى الظالم الذى لايكف عن قهر إرادتها تجد نفسها مضطرة إلى إشهارأسلحتها الغريزية الفتاكة كالمراوغة والنفاق والتدلل والدموع والحيلة حتى تجد لنفسها طريقا فى الحياة.
الحــــريــــة:
يقول الدكتور سيد حامد النساج فى معرض حديثه عن قبلة الملكة فى البرنامج الثانى من القاهرة12/12/1990 "إن الفكرة المسيطرة على سعيد سالم فى كثير من قصصه هى فكرة الحرية.وقد اختار فى الأغلب الأعم شخصيات مكبوتة وشخصيات فردية تعيش أزمات فردية أيضا ، وربما وصف بعض النقاد القصة القصيرة انها فن الفرد المأزوم التى تعبر عن آرائه الفردية..إن ماورائيات قصص سعيد سالم مكتوبة بوعى شديد على عكس مانصادف كثيرا من الكتابات التى لاتكشف عن وعى كاتبها سواء بواقعه أو بفنه أو حتى بما يريد أن يقوله فى بعض الأحيان".ويشير الناقد السورى نذير حعفر فى جريدة تشرين السورية6/2/1988 إلى أن "قصص سعيد سالم تشكل فى مجملها صرخة احتجاج على الظلم والاستبداد والعلاقات اللاإنسانية ، ولعل ذلك ماجعله يلجأ إلى الترميز ومزج الواقع بالخيال فى غلالة من الغموض الفانتازى الذى يصل أحيانا إلى حد الإيهام خشية التعرض للقمع المباشر من السلطات التى يعريها ويدين ممارساتها".
وفى مجموعته القصصية الممنوع والمسموح تتأكد المفاهيم السابقة من خلال معالجاته لقصص"ملفات المواطن عبد الصبور"و"التائه"و"الجحر"و"نشرة الأخبار".ونرى البطل يتساءل فى روايته الأخيرة حالة مستعصية "ماذا أفعل وحاملة الطائرات الأمريكية العملاقة تقف بعيدا فى عرض البحر عند حافة الأفق معترضة حلمى القديم بالجنة.لقد كنت أنوى الاستحمام عاريا قرب الشاطىء لكنى تراجعت.يبدو أننى جبان.استولت على فكرة مفاجئة:ماهو تعريف العدو؟..تخيلت نفسى داخل زنزانة عربية تجمع بين الأصالة والمعاصرة فى نسق تركيبى منسجم لايعرف التناقض .تتدلى الورود والأغصان من بين فتحات أسلاكها الشائكة وأسوار قضبانها الجميلة، والتهمة هى السب فى ذات الزعيم.أى زعيم. أنت وحظك يابطل.ياإخوانى نحن الكتاب العرب ضمير الأمة.هه.دعونا حتى نتكلم فقط."وهو يعبر بحرقة فى مجموعته أقاصيص من السويد عن تلك العوامل التى تعترض حريته وتقيده بالفولاذ:"ذلك التراث الطويل العريض العميق من القهر الفردى والجمعى والفكر الموروث الذى تكاتف الزمن والموقع والدين والحكام والتاريخ فى تكبيلى به.يقتلنى التردد.يعذبنى.يكوينى بلهيب الخوف من المحظور وسوء الظن وخشية سوء الفهم وشىء من الإحساس بالدونية،رغم المخزون الهائل الذى لقنته منذ طفولتى عن حضارة آلاف السنين."إن الإحساس بالقهر فى الحاضر والخوف من المستقبل فى مجموعته:الممنوع والمسموح يدفعان بالبطل الباحث عن الخلاص فى الحرية لأن يقول:"فكرت بإخلاص شديد أن أقفز من أعلى البرج لا منتحرا ، وإنما راقصا مصفقا فى ليلة أنس أستقطر فيها متع الدنيا بنسائها الخمريات والبيض والسمر وقناطيرها المقنطرة من الذهب والفضة . بدأت حدة شعورى بالخوف من المستقبل تخف تدريجيا.ولما ازدادت ثقتى بنفسى بدأت أخلع ملابسى قطعة وراء الأخرى وألقى بها إلى الشارع دون أن اتوقف لحظة عن الرقص..بينما تعالت أصوات التهليل والتكبير من أسفل إلى أعلى."
ظاهرة الفســـــاد:
يقول الدكتور مصطفى عبد الغنى الناقد الأدبى بجريدة الأهرام فى كتابه"قضايا الرواية العربية".الدار المصرية اللبنانية 1999 عن تناول سعيد سالم لظاهرة الفساد فى أعماله"ويكون الراوى من الفطنة بحيث يربط بين الفساد الداخلى وعلاقة القوى الغربية به ، فكل أولئك الذين ينهشون جسد مصر كل يوم إنما يعيشون تحت تبعية القوى الامبريالية ، فهذه القوى تسعى إلى حماية النظام السياسى الفاسد لكى يحقق طموحها المستمر فى الهيمنة خلال خلق مجموعة من الفاسدين المستفيدين من ذلك، وبهذا تستطيع أن تحقق أهدافها.إن الكاتب كان دائم العود إلى العدو الخارجى وربطه بما يحدث فى العالم مستخدما كثيرا من اساليبه الفنية من التقطيع السينمائى والاسترجاع والتسجيل وما إلى ذلك."
وتكاد تكون قضية معالجة الفساد الذى يستشرى فى المجتمع المصرى والعربى أن تكون هواية سعيد سالم المفضلة والتى لايكاد يتركها فى عمل حتى يعود إليها فى عمل آخر.فرغم نجاح المصريين فى عبور خط بارليف الرهيب باقتحامه ثم تدميره ، إلا أنهم لم يحققوا نفس النجاح فى تصديهم لخط بارليف الفساد الداخلى الذى ظل ينخر فى جسد القطاع العام حتى أتى عليه..ذلك الفساد الذى يحول دون تقدم الأمة وانطلاقها إلى آفاق العصر الحديث ، والذى يتعرض له من جوانب مختلفة فى رواياته:"عمالقة أكتوبر" و"الأزمنة" و"الكيلو 101"وهو حين يتعرض لفساد أصحاب الثروة والسلطة من المتاجرين فى قوت الشعب وأراضى الدولة حينا وفى السموم والمخدرات حينا آخر ، فإنه لايكتفى بإلقاء الضوء على وقائع الفساد وإنما يتغلغل فى أعماقه وجذوره ودوافعه ، ليكشف لنا عن ضعف الرقابة على المال العام وعدم مراعاة العدالة فى توقيع العقاب على المفسدين.وهو يعرى لنا تكنيك هؤلاء المفسدين فى توريطهم لمسئولين من السلطة لضمان السكوت وتوزيع المسئولية عند السقوط ، كما يفضح قدرتهم على التمويه باستخدام الإعلانات والتمسح بالدين وبناء المساجد وتوزيع ممتلكاتهم المسروقة بأسماء أقاربهم ، ويسخر من وقاحتهم حين يبررون الفساد بادعائهم أن العمولة أمر معترف به عالميا وأن لكل إنسان ثمن مهما ارتفع ، وأنه مادام الكبار ينهبون فلا مانع من مشاركة الصغار ، وأنه بدون سلطة أو ثروة تستحيل الحياة الكريمة..ولقد أفاض سعيد سالم-بحكم عمله فى الصناعة-فى شرح هذه الأمور خلال لقاءاته المختلفة فى المنتديات الأدبية.
وفى مسرحيته الكوميدية"الدكتور مخالف"المأخوذة عن روايته عاليها أسفلها يطرح لنا تبريرا كوميديا للرشوة كمذهب يعتنقه بعض الموظفين وهو ما أسماه بمذهب "التكافل الاجتماعى الإجبارى". ذلك أن الأغنياء لايساهمون فى التكافل الاجتماعى السماوى ممثلا فى الزكاة والصدقات ولا فى التكافل الاجتماعى الأرضى ممثلا فى الضرائب ، ولذلك وجب على الموظفين أن يجبروهم على المساهمة رغم أنوفهم بدفع الرشوة.
ونعود إلى شهادة سعيد سالم بمجلة فصول.خريف1992 لنجده يتحدث بجرأة بالغة عن ظاهرتى الكذب والنفاق من حيث ارتباطهما بالفساد فيقول:"إن الكذب فى حياتنا قد بلغ ذروته حتى اصبح وجه مجتمعنا قبيحا كأمعائه..وحين اطالع الجرائد والمجلات أصاب بحالة من القرف والاشمئزاز لشدة النفاق الذى يحول الشىء إلى نقيضه بجرة قلم،ويكفى أن أدلل على ذلك بالتصريحات الكاذبة لبعض الوزراء والمسئولين الذين يتعاملون مع الواقع كأنه وهم ومع الوهم كأنه واقع كما لو كانوا يخاطبون شعبا قد فقد عقله وذاكرته وإحساسه،ففى اليوم الذى يصرح فيه أحدهم بثبات سعر سلعة ما ، نجدها قد ارتفع سعرها فى اليوم التالى مباشرة ، وكأنما امتزج الكذب بالصدق امتزاجا"جنسوكيمائيا"يصعب معه إعادة فصلهما مرة ثانية،مثلما يصعب فصل المزيج الكيمائى المكون من مادتين،وإنما تسفر هذه العلاقة غير المشروعة-حيث الكذب هو العنصر الفاعل والصدق هو المفعول به- عن وليد مشوه هو واقعنا الهلامى العجيب الذى تحولت فيه القمة إلى قاع و القاع إلى قمة ."
( أعد هذه الدراسة دكتور محمد زكريا عنانى بالتعاون مع الكاتب)




من أغلفة مؤلفات سعيد سالم :








































































































































































صور من حياة سعيد سالم :












مع محمود مرسي في يونيه عام 1991م. .























في احدى الندوات مع الدكتور زكريا عناني .















مع الكاتب الكبير نجيب محفوظ .












صورة أخرى مع صاحب نوبل .
















مع الفنان محمود عبد العزيز وفرج عامر بنادي سموحة.

















مع فاروق شوشة بنادى سموحه1984














مع الكاتب الكبير يوسف عز الدين .













مع الدكاترة الورقى وعنانى وصبرة باحدى الندوات














استلام جائزة اتحاد الكتاب كف مريم






















السويد10














مع دربالة والورقى 2003

















بمنزل محمد الجمل1987


















مع اقبال بركة ود.عنانى بمعرض الكتاب












































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































ليست هناك تعليقات: