بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 مايو 2011

رواية تعكس مشاعر مغايرة للفطرة الانسانية وتكشف انتشار العدوانية بالمجتمع الامريكى


دوما ما تثير النصوص الادبية المترجمة حزمة انتقادات وتساؤلات غالبيتها يدور فى فلك الحيرة بين اسناد ادواتها الابداعية الرصينة لمؤلف العمل الاصلى أو ناقله للغة الوسيطة ومدى قدرته على تقديم قيمتها الادبية فى قالب تشوبه المصداقية بواسطة مفردات تتناسب مع روح المجتمع الذى تتُطرح فيه.

حول هذه الفكرة نظم مختبر السرديات التابع لمكتبة الاسكندرية جلسة نقاشية حول رواية " نريد ان نتحدث عن كيفين" للروائية الامريكية " ليونيل شرايفر" باعتبارها واحدة من أكثر الاعمال التى لاقت صيتا ذائعا بالاوساط الادبية العالمية و صدرت نسخة مترجمة عنها مؤخرا ضمن سلسة الجوائز بالهيئة المصرية العامة للكتاب.

من جانبها أوضحت الناقدة الادبية فاطمة عبدالله ,ان اسباب شهرة الرواية موضوع النقاش تنبع من اتخاذها مسار صادم مفعم بالمفاجأت الكاشفة لافكار تتعارض مع البديهيات والثوابت الانسانية المدونة بصورة فطرية بالمخيلة الانسانية بغض النظر عن البنية الثقافية للمجتمع الذى تعرض فيه, حيث ان قالبها يصيغ علاقة انسانية راقية طالما اتسمت بالعطاء والتضحية الا وهى عاطفة الامومة لتبدو ضمن احداث الرواية علاقة قائمة على العنف والعدوانية الامرالذى جعل الموضوع صادم بالنسبة للمتلقى.

وتابعت قائلة: ان قارىء الرواية يجد انها تعتمد على صيغة المتكلم من خلال الزوجة " ايفا" التى تكتب مجموعة رسائل لزوجها المنفصل عنها " فرانكلين", الا ان المدقق فى أسلوب صياغتها سوف يلحظ افتقارها للتوظيف الفنى المتعارف عليه للرسائل والمتضمن تبادل لمشاعر الشوق الخاصة بين الازواج فظهرت أقرب للخواطر المحملة الابن " كيفين" اسباب فشل زيجة والديه.

ونعتت الكاتبة الامريكية " ليونيل شرايفر" الحائزة على جائزة الاورنج البريطانية للكتابات النسائية, بالشجاعة الكبيرة لتطرقها فى روايتها " نريد ان نتحدث عن كيفين" الى حيز شائك غير نمطى بالروايات المتاحة فضلا عن عدم تجاهلها فى الصياغة محاولة استجداء مشاعر التعاطف مع المرأة رغم القسوة التى اعترت علاقتها بابنها ودفعت به لقتل 7 من زملائه بالمدرسة الثانونية مؤكدة حاجة النص لدراسة سيكولوجية تفسر مسببات السلوك الغريب الذى انتهجته الام أكثر من حاجتها لدراسة ادبية تتبع ابعادها السردية وانتماءات الكاتبة الثقافية بشكل يستدعى سبر أغوار حفريات تلك الام مفسرة مصطلح الحفريات ببقايا آثار الكائنات الحية المحفورة فى الصخور الرسوبية.

وضربت الناقدة فاطمة عبدالله مثال بأنثى العقرب أشرس الحشرات التى تبلغ ذروة أمومتها عندما تمنح أبنائها عصارة روحها كأول طعمة حياة لتلفظ روحها بعدها, وتساءلت متعجبة: اذا كان هذا حال الحيوان فكيف يكون حال الام من بنى الانسان؟!

وأضافت مبرزة ان قراءتها لموضوع هذه الرواية الغير مألوف دفعها للتفتيش بمكامن الانثى بالشخصية الاصلية للكاتبة, فاكتشفت بحسب ما جاء فى سيرتها الذاتية بأنها كانت تسمى – مارجريت آن- وحينما بلغت الخامسة عشر من عمرها وهى الفترة المعروفة ببزوغ رغبة داخلية لدى الفتاة للاستمتاع بتوهجها الانثوى قامت بتغيير اسمها الى ليونيل- اسم مذكر- ظنا منها ان حياة الرجال تتمتع بقدر من السهولة ومن ثم وبعد مرور عدة سنوات ادركت الكاتبة ان خوفها على انوثتها لم يكن مسوغ فبدأت بانتقاء ما يبرز مفاتنها من الملابس كما ان سيرتها تكشف عدم خوضها غمار تجربة الامومة رغم زواجها من عازف جاز شهير.

واستطردت قائلة : ان الرواية تمثل سرد واقعى مليىء بالخيال الحقيقى.

ووصفت فى كلمتها الاعمال المترجمة بالخيانات المشروعة لانها تشكل ابداع مضاف لابداع فضلا عن طرحها لجملة تساؤلات حول المصدر الرئيسى للبلاغة اللغوية واتساقها بالرواية الاصلية أو اللغة الوسيطة المنقول اليها النص الروائى.

فيما أشار الاديب منير عتيبة المشرف على مختبر السرديات فى مداخلة مقتضبة الى انه للمرة الاولى منذ انطلاق نشاط المختبر الثقافى منذ ما يزيد عن عام, يتم استعراض عمل ادبى مترجم.

وطرح عدة تساؤلات هى : هل المشاعر الانسانية التى نعيشها ملتصقة بنا منذ الميلاد أم انها مخترعة؟ وهل المرأة العصرية تغيرت عن فطرتها؟

بدوره قدم الناقد شوقى بدر قراءة نقدية بعنوان " تشظى العلاقات فى الرواية الامريكية المعاصرة.. نريد ان نتحدث عن كيفين نموذجا", أكد خلالها تضمن الرواية لااشارات جزئية وأخرى تفصيلية تحمل دلالات مفسرة لطبيعة الواقع الامريكى فى العصر الراهن, حيث تهشمت العلاقات الانسانية وانتشرت نزعة العنف المواكبة لعصر التكنولوجيا مما انعكس بصورة واضحة على النصوص الادبية.

مبرزا انطباق ما يسمى برواية العدوان على هذه الرواية الحاملة لرؤية ذاتية مريضة عمدت الاستهانة بادق المشاعر الانسانية المتوارثة.

وفيما يتعلق بما احدثته رواية " نريد ان نتحدث عن كيفين" داخل المجتمع الامريكى قال بدر: انها قسمت القراء لفريقين احداهما حاول التماس النوايا الطيبة للام وعجزها عن انضاج البذرة الشريفة بشخصية الابن بينما ذهب الفريق الاخر الى وصف مشاعرالام بالجمود مما دفع لتنامى مكونات الشر بتركيبة الابن القاتل.

واستدرك قائلا: رغم برود شخصية بطلة الرواية طوال الاحداث الا انها حاولت مواربة باب التواصل مع زوجها باستخدام عبارة شديدة العاطفة فى ختام اخر رسالة سطرتها له بامضائها - زوجتك المحبة للابد ايفا - .

وفى كلمته شدد الشاعر مفرح كريم مترجم الرواية للعربية, على دور القراءة فى دفع الافراد نحو استقراء العالم بشكل أفضل , وتحدث عن الرواية التى عكف على ترجمتها عبر 650 صفحة من القطع الكبير مؤكدا صعوبتها نظرا لحجمها الكبير وتعاملها مع موضوع يبدو الى حد كبير معقد فضلا عن اندراجها ضمن ما يعرف بالادب السوسيولوجى .

مقارنا بين الترجمة بالعصر الحديث والزمن الماضى حيث ان الاخير قدم كلاسيكيات ادبية وقانونية واجتماعية تمتعت بانعومة والانسيابية بخلاف الترجمة الان, ذلك لان عدد كبير من الروائيين الذين يكتبون بالانجليزية لاينتمون بالاصل للمجتمعات الغربية بل ان غالبيتهم شرق أوسطيين أو قادمين من آسيا وأمريكا اللاتينية الامر الذى يضفى على كتاباتهم بصمة مغايرة تعبر عن حضارتهم وثقافتهم, تعمل على تعقيد عملية اللترجمة بعض الشيىء.

وأعطى مثال بهذا الاطار الى لهجة الكوكنى المنتشرة فى جنوب لندن الان وما تتمتع به من خصائص لغوية يصعب على مختلف أطياف الشعب االانجليزى فهمها وكذا اللهجة الصعيدة التى يجهل كثير من المصريين التعامل مع ناطقيها- فى اشارة لانتشار لهجات داخل البلد الواحد يكون من العسير على مختلف السكان ادراكها- مما يعزز اقتحام لهجات متجددة على عالمنا.

واانهى كلمته بالتأكيد على ان الترجمة تندرج فى عداد الابداع وليس النقل مفرقا بين الترجمة العلمية المعتمدة على تقديم حقائق مجردة بخلاف الترجمة الادبية التى تحتاج اضفاء لمسات المترجم .

سهى طارق

**************************************************

ليست هناك تعليقات: