بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

الخميس 16ديسمبر 2010م.



" آفاق الرواية والمسرحية في العراق، أضواء على الأدب العراقي"
***********
أقام مختبر السرديات يوم الخميس الموافق 16 ديسمبر ندوة بعنوان "شموس القمر.. بين احتراق القلب وشموع الأمل , للكاتب العراقي عبد الاله عبد القادر والتي مزج فيها هموم اليوم مع آمال الغد ليتحدث عن تجربته مع المسرح العراقي ويمر بنا سريعا على الثقافة العراقية التي رأى أن لا أحد سوف يتفهمها الا بعد معرفة التاريخ العراقي , لأن الثقافة العراقية مستهدفة للتقليل من أهميتها حيث أنها تشكل الهوية الأساسية للعراق .
فالثقافة العراقية تعرضت للتهميش بعد سقوط بغداد في 2003م, بل أن المثقفين تعرضوا للتشريد وتعرضت المخطوطات للحرق والنهب ودمرت كثير من المناطق الأثرية , في حين أن بلاد الرافدين منبع لحضارة عظيمة قدمت أول ملحمة عرفها البشر الا وهي ملحمة جلجامش .
وقد تعرضت العراق طوال تاريخها الى 44 احتلالا عسكريا آخرها ماتعرضت له في 2003م, ومع ذلك فكانت العراق عبر تاريخها الزاخر ورغم الصعاب ظهر لنافترات زاهية نبغ فيها سيباويه والخليل بن أحمد والفراهيدي وغيرهم , وازدهرت الثقافة في التاريخ المعاصر , فكانوا يقولون :" القاهرة تكتب و بغداد تقرأ " ,فكان العراق يعيش مناخا ثقافيا آمنا , وكما قال سعد الله ونوس في مسرحية " رأس المملوك جابر " : "ان أهل بغداد لا يريدون سوى الخبز والأمان " .

ثم انتقل عبد القادر الى بداية الرواية القصة القصيرة في العراق و وذلك عندما كتب عبد الحق فاضل أول قصة قصيرة له وكانت بعنوان " مجنونتان " وقد تناولها علي جواد القاهر بالنقد وذلك عام 1939م. ثم جاء ذو النون أيوب ليقدم روايته الأولى " الدكتور ابراهيم " لتكون أول رواية عراقيةعام 1948م , ثم كتب بعد ذلك " السيد والأرض والماء " , وتناول أيضا علي جواد النقد لأعمال ذو النون واشتد عليه في النقد كما فعل مع عبد الحق فاضل نظرا لتشرب علي جواد بالثقافة الغربية والأدب الغربي , فكان لايعجبه أي أديب عربي مهما كان مبدعا , بالرغم من أن الأعمال السابقة كانت جيدة . ثم جاءت الخمسينات وتميز فيها عبد الملك نوري، ومهدي عيسى الصقر، ومحمود عبد الوهاب والذي فاز بجائزة الآداب للقصة القصيرة عام 1953 على مستوى الوطن العربي عن مجلة الآداب عن قصته "القطار الصاعد إلى بغداد"، وشاكر جابر بروايته الأولى "الأيام المضيئة" عام 1955.

وفي فترة الستينيات، فقد شهدت تأثرًا كبيرًا بالروائيين الغربيين، كما تحول كُتّاب القصة إلى روائيين, ومن أبرز كتابات تلك الفترة رواية "النخلة والجيران" للكاتب غائب طُعمه فرحان، وقدمها عام ، وقد شكّل ظهورتلك الرواية ا نقلّه نوعيه في الرواية العربيةنظرا لتميزها ، ثم جاء بعدها روايات عراقية عديدة على نفس النهج المتطور, منها: "رجلان على السلالم" لمنير عبد الأمير، و"رجل فاته القطار" لمحمد النقدي.

أما فترة السبعينيات فقد تطوربقيادة خمسة روائيين، هم: عبد الرحمن الربيعي، وموفق خضر، وفاضل عزاوي، وبرهان الخطيب، وغائب طُعمه. وباتقالنا فترة الثمانينيات نجد أنها مثلت بوادر الكارثة الجماعية للأدب العراقي؛ حيث بدأ العراق يدخل فى حروب عديدة لم تنتهي حتى الآن, فرأى أن الدولة ساعدت على إفساد الدور الفكري والأدبي بتكريس كل الوسائل للحرب، فخصصت الجوائز المادية الكبيرة لأدب الحرب؛ وبدأت الحكومة آنذاك بإعلاء كل الفنون الأدبية المتعلقة بالحرب رغم رداءتها وعدم إتقانها فى بعض الأحيان، فكانت الروايات عبارة عن إعادة ساذجة للأفلام الأمريكية التى تصور الجندي الأمريكي بالمحرر والفاتح؛ فانعكس ذلك على الروايات العراقية بتأويل تلك الأفلام، وكان من أشهر ما كتب وقتها في هذا السياق رواية "قادسية صدام".ولفت عبد الإله عبد القادر إلى أنه وسط ذلك الركام من الروايات المخصصة لخدمة فكر الحرب، ظهرت روايات لكُتّاب شباب كانت تمثل الإنسانية والواقع الحياتي؛ مثل روايات الكاتبة بتول الخضيري، والتى أنتجت روايتين ترجمتا لعدة لغات؛ هما: "غايب" و"كم بدت السماء قريبة".

وعندما تناول عبد القادر المسرح العراقي تناول بعديه ، الأول تاريخي قديم، والآخر حديث، حيث بدأ المسرح العربي مع بداية المئوية الثانية للهجرة، عندما بدأ العراقيون بكتابة أول مناحة عن الإمام الحسين، بعد استشهاد الحسين بحوالى 40 عامًا، أي حوالى عام 101 هجرية. أما عن البُعد الحديث والمعاصر، فالمسرح العراقي والذي بدأ عام 1893، متزامنًا في ذلك مع بداية المسرح في مصر وفي حلب، وساعد على انتشار المسرح آنذاك, الحملات التبشيرية والمدارس النظامية.وأضاف أن البداية العلمية للمسرح العراقي جاءت بقدوم الفنان جورج أبيض إلى بغداد، ليقدم مسرحيته الشهيرة "أوديب ملكًا"، كما قام بتكوين أول فرقة مسرحية في العراق مع الممثل حقي الشبلي، الذي قام بتأسيس معهد الفنون الجميلة في منتصف الأربعينات، والذى تطور بعدها ليصبح 7 معاهد متفرقة في أنحاء البلاد, ثم أقيمت أكاديميات الفنون المسرحية في الجامعات المختلفة في العراق، والتي تخرج منها العديد من المسرحيين العراقيين، والذين سافروا بعدها لدراسة المسرح في أمريكا وروسيا وباريس، ليؤسسوا بعد عودتهم جيلاً مسرحًيا متطورًا وعلى مستوى فني كبير.ولكنه رأى أنه بالرغم من التطور المسرحي فى العراق، إلا أن المسرح العراقي لا يزال متخلفًا عن المسرح المصري بحوالى 40 عامًا. وذلك لأن المسرح الغنائي لم يكن قد دخل بين فنون المسرح العراقي، متأثرًا في ذلك بمسرح سيد درويش فى مصر. وأشار إلى وجود مجموعة متميزة من الكتاب المسرحيين العراقيين، منهم: عادل كاظم، ونور الدين فارس، ونعمان عاشور، وقاسم محمد، الذي يعد من أشهر المسرحيين العراقيين؛ حيث يعتبر صاحب منهاج مسرحي متفرد، فكان يسافر سنويًا فى أرجاء العالم لعقد ورش مسرحية، كما كان يكتب ويخرج العديد من المسرحيات لأدب الطفل.

وأضاف أن أول تجربة له لعمل مسرحية غنائية كانأول عروضا في 10 يوليو فى عام 1959، وبلغ عدد أعضائها 250 فردًا، وعرضت المسرحية على مسرح قاعة الخلد في بغداد، ونالت نجاحًا ورواجًا واسعًا،والتي بدأت بفكرة بين الشباب المتحمس وكان منهم عبد القادرفنشأة المسرحية بدأت بالدين لشراء القماش وأجور الممثلين وتأجير الأوتوبيسات حتى الطعام لأفراد الفرقة , ونظرا لطبيعة المجتمع العراقي المحافظ فقدمت الاعلانات في التليفزين لطلب راقصين للفرقة من شباب المدارس الثانوية والجامعات , ثم جمعت الفرقة وذهبت للمسئولين في بغداد وعلى رأسهم محمد سعيد الصحاف الذى وافق على اقامة الفرقة وزكاها أمام لجنة اختبارهاليبدأ المشوار المسرحي , ثم تم تقديم المسرحية الثانية عام 1960، والمسرحية الثالثة وهي "العروسة بهية" عام 1970م, وان كانوا في تلك الفترةمتأثرين بكتابات نجيب سرور فبالطبع تعرضوا للمساءلة .

وعن فترة حكم صدام حسين، أوضح أن بداياته شهدت تقدمًا وتطورًا في العديد من المجالات، فالمسرح العراقي، على سبيل المثال، كان يمتلك في أواخر الستينيات 12 فرقة مسرحية تابعة لمسرح الدولة، كما شهد الأدب العراقى ازدهارًا واسعًا وقتها، ولكن بدخول فترة الثمانينيات تغير الحال وتدهورت الثقافة العراقية إلى الآن. ولكن عبد القادر يملأه أمل كبير في بعث العراق مرة أخرى كطائر العنقاء ليسترد مكانته وان كان سيستغرق هذا بعض الوقت .

عبد الاله عبد القادر في سطور .

ليست هناك تعليقات: